(ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مَنْ صَلَّى بِأَرْضِ فَلَاةٍ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ وَعَنْ شِمَالِهِ مَلَكٌ فَإِذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ صَلَّى وَرَاءَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ) .
قَدْرُ السُّحُورِ مِنْ النِّدَاءِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إنَّ بِلَالًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ) وَهَلْ يُؤَذِّنُ الْقَاعِدُ أَمْ لَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُؤَذِّنُ الْقَاعِدُ وَفِي كِتَابِ الْقَاضِي أَبِي الْفَرَجِ لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ الْقَاعِدُ.
وَجْهُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْإِبْلَاغَ وَالِاسْتِعْلَاءَ فِي الْأَذَانِ مَشْرُوعٌ وَلِذَلِكَ شُرِعَ الْأَذَانُ فِي الْمَنَارِ وَالْقُعُودُ ضِدُّ الِاسْتِعْلَاءِ.
وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَبِي الْفَرَجِ أَنَّ الِاسْتِعْلَاءَ مَشْرُوعٌ فِي الْمَكَانِ دُونَ حَالِ الْمُؤَذِّنِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ يُؤَذِّنُ الرَّاكِبُ.
(فَرْعٌ) وَهَلْ يُقِيمُ الرَّاكِبُ أَمْ لَا فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: لَا يُقِيمُ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْإِقَامَةِ الِاتِّصَالَ بِالصَّلَاةِ، وَنُزُولُهُ مِنْ دَابَّتِهِ وَمَشْيُهُ إلَى مَوْضِعِ صَلَاتِهِ عَمَلٌ يَفْصِلُ بَيْنَ الْإِقَامَةِ وَالصَّلَاةِ قَالَهُ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ.
وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُقِيمُ الرَّاكِبُ لِأَنَّ نُزُولَهُ إلَى الصَّلَاةِ عَمَلٌ يَسِيرٌ فَلَمْ يُعَدَّ فَاصِلَا كَأَخْذِ الثَّوْبِ وَبَسْطِ مَا يُصَلَّى عَلَيْهِ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ.
(ش) : قَوْلُهُ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ وَعَنْ شِمَالِهِ مَلَكٌ يَحْتَمِلُ أَنْ يَبْلُغَ بِالْمَلَكَيْنِ دَرَجَةَ الْجَمَاعَةِ إذَا كَانَ بِمَوْضِعٍ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا وَهُوَ رَاغِبٌ فِيهَا وَأَنَّ هَذَا الْمُصَلِّيَ إنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى وَرَائِهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ عَدَدٌ عَظِيمٌ فَيَكُونُ فَضْلُ صَلَاتِهِ أَكْثَرَ لِكَثْرَةِ عَدَدِ مَنْ يُصَلِّي وَرَاءَهُ وَيَقْتَضِي هَذَا أَنَّ لِلْجَمَاعَةِ الْكَبِيرَةِ مِنْ الْفَضِيلَةِ مَا لَيْسَ لِلْجَمَاعَةِ الْيَسِيرَةِ وَإِلَّا فَلَا فَائِدَةَ لِهَذَا الْمُصَلِّي فِي ذَلِكَ وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الصَّلَاةُ صَلَاةَ فَرْضٍ وَلِذَلِكَ يُتِمُّ فَضِيلَتَهَا بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ وَعَنْ يَسَارِهِ مَلَكٌ وَلَيْسَ هَذَا مَقَامَ الْآدَمِيِّينَ مَعَ الْإِمَامِ عِنْدَ مَالِكٍ وَإِنَّمَا يَقِفَانِ وَرَاءَهُ وَسَنُبَيِّنُ حُكْمَهُ بَعْدَ هَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَيْسَ مُسْنَدًا فَيُحْتَجُّ بِهِ فِي مَوْضِعِ الْخِلَافِ وَلَا طَرِيقَ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ إلَى أَنْ يَعْرِفَ هَذَا بِنَظَرٍ فَيُقَلِّدَهُ فِيهِ مَنْ فَرْضُهُ التَّقْلِيدُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا فَرْضًا يَخْتَصُّ بِالْمَلَائِكَةِ وَحُكْمُ الْآدَمِيِّينَ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ لِأَنَّ أَنَسًا صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ قُمْت أَنَا وَالْيَتِيمُ وَرَاءَهُ وَالْعَجُوزُ مِنْ وَرَائِنَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَلَكَانِ هُمَا الْحَافِظَانِ وَأَنَّ ذَلِكَ مَكَانَهُمَا مِنْ الْمُكَلَّفِ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا وَإِذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ فَإِنَّمَا يُصَلِّي وَرَاءَهُ غَيْرُهُمَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَأَذَّنَ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ أَوْ أَقَامَ صَلَّى وَرَاءَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ هَذِهِ رِوَايَةُ يَحْيَى وَأَبِي مُصْعَبٍ وَغَيْرِهِ يَقُولُ فَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى وَرَاءَهُ أَمْثَالُ الْجِبَالِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ عِنْدِي هِيَ الْأَصْلُ وَرِوَايَةُ يَحْيَى تَحْتَمِلُ الشَّكَّ وَلَوْ كَانَتْ لِلتَّقْسِيمِ وَقُلْنَا أَنَّ ذَلِكَ فِي صَلَاةِ فَرْضٍ اقْتَضَتْهَا أَنَّ مَنْ صَلَّى بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ أَوْ بِإِقَامَةٍ فَقَطْ صَلَّى وَرَاءَهُ أَمْثَالُ الْجِبَالِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَمَنْ صَلَّى الْفَرْضَ دُونَ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ وَعَنْ يَسَارِهِ مَلَكٌ وَتَرْكُ الْإِقَامَةِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَذَلِكَ يُنَافِي الْفَضِيلَةَ قَالَ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ وَعَنْ يَسَارِهِ مَلَكٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ إنْ صَلَّى نَافِلَةً فَلَمْ يُؤَذِّنْ وَلَمْ يُقِمْ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ وَعَنْ يَسَارِهِ مَلَكٌ وَإِنْ صَلَّى فَرِيضَةً فَاقْتَصَرَ عَلَى الْإِقَامَةِ صَلَّى وَرَاءَهُ أَمْثَالُ الْجِبَالِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَقَوْلُ أَبِي مُصْعَبٍ يَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الصَّلَاتَانِ صَلَاتَيْ فَرْضٍ فَيَكُونُ مَعْنَاهُ إنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِقَامَةِ صَلَّى عَنْ يَمِينِهِ مَلَكٌ وَعَنْ يَسَارِهِ مَلَكٌ تَتِمُّ بِهِمَا فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ وَإِنْ أَضَافَ إلَى الْإِقَامَةِ الْأَذَانَ صَلَّى وَرَاءَهُ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ.