(ص) : (قَالَ مَالِكٌ، وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً قَامَتْ عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا ثُمَّ جَاءَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِتِسْعِينَ دِينَارًا، وَقَدْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ خُيِّرَ الْبَائِعُ فَإِنْ أَحَبَّ فَلَهُ قِيمَةُ سِلْعَتِهِ يَوْمَ قُبِضَتْ مِنْهُ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ بِالْبَيْعِ أَوَّلَ يَوْمٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ مِائَةُ دِينَارٍ وَعَشَرَةُ دَنَانِيرَ، وَإِنْ أَحَبَّ ضُرِبَ لَهُ الرِّبْحُ عَلَى التِّسْعِينَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِي بَلَغَتْ سِلْعَتُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ فَيَجُوزُ فِي الَّذِي بَلَغَتْ سِلْعَتُهُ، وَفِي رَأْسِ مَالِهِ وَرِبْحِهِ، وَذَلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ دِينَارًا) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَا حُطَّ عَلَى وَجْهِ الْوَضِيعَةِ فَقَدْ قَالَ سَحْنُونٌ يَحُطُّهُ ذَلِكَ دُونَ مَا لَهُ مِنْ الرِّبْحِ، وَقَالَ أَصْبَغُ بَلْ يَحُطُّهُ إيَّاهُ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرِّبْحِ وَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّ الْبَائِعَ مُرَابَحَةً إنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرًا مَا فَإِنْ حَطَّ عَنْ الْمُبْتَاعِ مِنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ، وَمَا يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنْ الرِّبْحِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ هِبَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ إسْقَاطُهُ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ مَا يُقَابِلُ الْهِبَةَ مِنْ الرِّبْحِ إنَّمَا يَثْبُتُ لَهُ لِأَجْلِ مَا وَضَعَ عَنْ الْمُبْتَاعِ لِلْهِبَةِ فَيَجِبُ أَنْ يَحُطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي إذَا حُطَّتْ عَنْهُ الْهِبَةُ كَمَا يَثْبُتُ عَلَيْهِ بِثُبُوتِ مَا تَعَلَّقَتْ بِهِ الْهِبَةُ.
(ش) : وَقَوْلُهُ، وَإِنْ بَاعَ رَجُلٌ سِلْعَةً قَامَتْ عَلَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ يُرِيدُ قَامَتْ عَلَيْهِ بِابْتِيَاعِ مُكَايَسَةٍ وَاجْتِهَادٍ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ مَخْصُوصٌ بِمَا مَلَكَهُ الْبَائِعُ بِذَلِكَ دُونَ مَا مَلَكَهُ بِمِيرَاثٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَإِنْ مَلَكَهُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَنْبَغِ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً، وَكَذَلِكَ إنْ اشْتَرَاهَا رَجَاءً فِي ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ.
وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِعِشْرِينَ فَبَاعَهَا بِثَلَاثِينَ فَأَقَالَ مِنْهَا الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً إلَّا عَلَى الْعِشْرِينَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَإِنْ أَقَالَك مِنْ سِلْعَتِهِ فَلَا بَيْعَ مُرَابَحَةٍ عَلَى ثَمَنِ الْإِقَالَةِ حَتَّى تَبِينَ فَتَفْسِيرُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْإِقَالَةِ إنَّهَا نَقْضُ بَيْعٍ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِنَا أَنَّهَا بَيْعٌ مُبْتَدَأٌ فَلَا يَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ مِنْ عُقُودِ الْمُكَارَمَةِ وَالْمُسَامَحَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ مُرَابَحَةً مَا مُلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ بَيْعَ الْمُرَابَحَةِ مَخْصُوصٌ بِمَا مُلِكَ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ وَالْمُكَايَسَةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ بَاعَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً بِرِبْحِ دِرْهَمٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِرِبْحِ دِرْهَمَيْنِ جَازَ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً، وَلَا يُبَيِّنُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ؛ لِأَنَّ ابْتِيَاعَهُ لِلسِّلْعَةِ بِرِبْحٍ مِنْ عُقُودِ الْمُكَايَسَةِ، وَهَذَا مِنْهَا، وَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَبِيعَهَا بِرِبْحٍ ثُمَّ يَرَى إنْ اشْتَرَاهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ وَجْهَ رِبْحٍ لِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ أَوْ لِزِيَادَةٍ فِي عَيْنِهَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، وَمِنْ الْوَاضِحَةِ إذَا أَقَالَهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ اشْتَرَاهَا بِرِبْحٍ فَلَا يَبِيعُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْآخَرِ حَتَّى يُبَيِّنَ قَالَهُ مَالِكٌ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمَنْ أَبْضَعَ فِي سِلْعَةٍ اُشْتُرِيَتْ لَهُ فَفِي الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ لَهُ أَنْ يَبِيعَ، وَلَا يُبَيِّنَ قَالَ سَحْنُونٌ يَلْزَمُهُ أَنْ يُبَيِّنَ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ إنْ رَضَاهُ بِمَا اشْتَرَى لَهُ حِينَ رَآهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ لِمَا رَأَى فِي ذَلِكَ مِنْ الْغِبْطَةِ، وَأَنَّهُ لَا غَبْنَ عَلَيْهِ فِيهَا أَوْ رَأَى الْغَبْنَ فِيهَا، وَرَضِيَهَا لِغَرَضٍ لَهُ فِيهَا فَإِنْ رَأَى أَنَّهُ لَا غَبْنَ عَلَيْهِ فِيهَا وَرَضِيَهَا فَهُوَ كَشِرَائِهِ لَهَا لَا يَبِيعُ حَتَّى يُبَيِّنَ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُحَابَاةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا عَلَى مَنْ تَوَلَّى شِرَاءَهَا وَجْهُ قَوْلِ سَحْنُونٍ مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَقُولَ إنَّمَا رَضِيت بِاجْتِهَادِك وَمَيْزِك فَلَا أَرْضَى بِمَا تَنَاوَلَ غَيْرَك شِرَاءَهُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فِي الَّذِي يَبِيعُ سِلْعَةً مُرَابَحَةً قَامَتْ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّهَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِتِسْعِينَ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ غَلِطَ، وَظَنَّ أَنَّهَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ فَبَاعَ بِذَلِكَ ثُمَّ جَاءَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهُ قَامَتْ عَلَيْهِ بِتِسْعِينَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ قَالَ قَامَتْ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ ثُمَّ جَاءَ الْمُبْتَاعَ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِتِسْعِينَ، وَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخَبَرُ وَرَدَ قَبْلَ أَنْ تَفُوتَ السِّلْعَةُ أَوْ بَعْدَ أَنْ فَاتَتْ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَفُوتَ فَلِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَأْخُذَهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَيَلْزَمَ ذَلِكَ الْبَائِعَ أَوْ يَرُدَّهَا فَيَلْزَمَ ذَلِكَ الْبَائِعَ، وَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَقُولَ آخُذُهَا بِتِسْعِينَ وَرِبْحَهَا إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ