(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا إنَّ مِنْ الْمُخَاطَرَةِ وَالْغَرَرِ اشْتِرَاءَ مَا فِي بُطُونِ الْإِنَاثِ مِنْ النِّسَاءِ وَالدَّوَابِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُدْرَى أَيَخْرُجُ أَمْ لَا يَخْرُجُ فَإِنْ خَرَجَ لَمْ يُدْرَ أَيَكُونُ حَسَنًا أَمْ قَبِيحًا أَمْ تَامًّا أَمْ نَاقِصًا أَمْ ذَكَرًا أَمْ أُنْثَى، وَذَلِكَ كُلُّهُ يَتَفَاضَلُ إنْ كَانَ عَلَى كَذَا فَقِيمَتُهُ كَذَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى كَذَا فَقِيمَتُهُ كَذَا) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَنْبَغِي بَيْعُ الْإِنَاثِ، وَاسْتِثْنَاءُ مَا فِي بُطُونِهَا، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ ثَمَنُ شَاتَيْ الْغَزِيرَةِ ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ فَهِيَ لَك بِدِينَارَيْنِ، وَلِي مَا فِي بَطْنِهَا فَهَذَا مَكْرُوهٌ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَمُخَاطَرَةٌ) .

(ص) : (قَالَ مَالِكٌ وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتِ وَلَا الْجُلْجُلَانِ بِدُهْنِ الْجُلْجُلَانِ، وَلَا الزُّبْدُ بِالسَّمْنِ؛ لِأَنَّ الْمُزَابَنَةَ تَدْخُلُهُ، وَلِأَنَّ الَّذِي يَشْتَرِي الْحَبَّ وَمَا أَشْبَهَهُ بِشَيْءٍ مُسَمًّى مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ لَا يَدْرِي أَيَخْرُجُ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ فَهَذَا غَرَرٌ مُخَاطَرَةٌ قَالَ مَالِكٌ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا اشْتِرَاءُ حَبِّ الْبَانِ بِالسَّلِيخَةِ فَذَلِكَ غَرَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْ حَبِّ الْبَانِ هُوَ السَّلِيخَةُ، وَلَا بَأْسَ بِحَبِّ الْبَانِ بِالْبَانِ الْمُطَيَّبِ؛ لِأَنَّ الْبَانَ الْمُطَيَّبَ قَدْ طُيِّبَ وَنَشَّ وَتَحَوَّلَ عَنْ حَالِ السَّلِيخَةِ) .

ـــــــــــــــــــــــــــــQمَسْأَلَةٌ) وَأَمَّا الْغَرَرُ مِنْ جِهَةِ الْعَقْدِ فَمِثْلُ الْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَّ الْعِوَضَيْنِ ابْتَاعَ أَوْ بَاعَ، وَمِنْ ذَلِكَ بَيْعُ الْحَصَاةِ، وَهُوَ مِنْ بُيُوعِ الْجَاهِلِيَّةِ تَكُونُ حَصَاةٌ بِيَدِ الْبَائِعِ فَإِذَا سَقَطَتْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَمِنْ ذَلِكَ بَيْعُ الْعُرْبَانِ.

1 -

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا تَعَلُّقُ الْغَرَرِ بِالْأَجَلِ فَأَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا أَوْ بَعِيدًا فَأَمَّا الْمَجْهُولُ فَمِثْلُ أَنْ يَكُونَ إلَى مَوْتٍ أَوْ إلَى مَيْسَرَةٍ أَوْ إلَى أَنْ يَبِيعَ الْمَبِيعَ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْبَيْعُ مِنْ أَهْلِ الْأَسْوَاقِ عَلَى التَّقَاضِي، وَقَدْ عَرَفُوا أَنَّ قَدْرَ ذَلِكَ الشَّهْرِ، وَنَحْوِهِ فَجَوَّزَهُ مَالِكٌ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ مَعْنَى ذَلِكَ فِيمَا جَرَى بَيْنَهُمْ تَقَاضِيهِ مُقَطَّعًا قَالَ مَالِكٌ، وَإِنْ تَأَخَّرَ بَعْدَ مَا عُرِفَ مِنْ وَجْهِ التَّقَاضِي أَغْرَمَ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْبَعِيدُ فَكَرِهَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْبَيْعَ إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ مِثْلَ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَلَا يَفْسَخُهُ إلَّا مِثْلُ الثَّمَانِينَ وَالتِّسْعِينَ، وَلَا بَأْسَ بِهِ إلَى عِشْرِينَ سَنَةً، وَإِنَّمَا أَشَرْت إلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ ذَلِكَ بِإِشَارَةٍ يَسِيرَةٍ، وَهُوَ مُسْتَوْعَبٌ فِي كِتَابِ الِاسْتِيفَاءِ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(ش) : قَوْلُهُ إنَّ مِنْ الْمُخَاطَرَةِ بَيْعَ مَا فِي بُطُونِ الْإِنَاثِ مِنْ النِّسَاءِ وَالدَّوَابِّ فَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ «نَهْيُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْمَضَامِينِ وَالْمَلَاقِيحِ» قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمَضَامِينُ مَا فِي بُطُونِ الْإِنَاثِ وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي ظُهُورِ الذُّكُورِ، وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ الْمَضَامِينُ مَا فِي ظُهُورِ الْفُحُولِ، وَالْمَلَاقِيحُ مَا فِي بُطُونِ الْإِنَاثِ، وَوَجْهُهُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى مَا اُحْتُجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ مَجْهُولُ الصِّفَةِ مُتَعَذِّرُ التَّسْلِيمِ، وَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ يُفْسِدُ الْعَقْدَ، وَإِفْسَادُهُمَا إذَا اجْتَمَعَا أَوْكَدُ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِنْ وَقَعَ فِي ذَلِكَ بَيْعٌ نُقِضَ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْجَنِينُ، وَيَقْبِضُهُ الْمُبْتَاعُ، وَيَفُوتُ عِنْدَهُ فَإِنْ فَاتَ عِنْدَهُ فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْقَبْضِ فَإِنْ كَانَ مِنْ بَنِي آدَمَ عَلَى الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي جَمْعُهُمَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ فَلَا يَفُوتُ إلَّا بِالتَّغَيُّرِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَزِمَ الْمُبْتَاعَ قِيمَتُهُ يَوْمَ حُكِمَ بِقَبْضِهِ، وَلَا يَجُوزُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا الصَّغِيرِ فِي الْمِلْكِ فَيُجْبَرَانِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ وَاحِدٍ إمَّا بِأَنْ يَبْتَاعَ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخِرِ، وَإِلَّا بِيعَا عَلَيْهِمَا، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.

(ش) : أَمَّا قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ شَاتَهُ الْحَامِلَ وَيَسْتَثْنِيَ جَنِينَهَا فَعَلَى مَا قَالَهُ فَأَمَّا عَلَى قَوْلِنَا أَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْمَبِيعِ مَبِيعٌ مَعَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ جُمْلَتِهِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الصِّفَةِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فَإِذَا تَنَاوَلَهُ الْبَيْعُ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْجُمْلَةَ الْمَرْئِيَّةَ إذَا اُسْتُثْنِيَ مَجْهُولٌ مُتَنَاهِي الْجَهَالَةِ أَثَّرَ ذَلِكَ فِي بَاقِي الْجُمْلَةِ جَهَالَةٌ تَمْنَعُ صِحَّةَ عَقْدِ الْبَيْعِ عَلَيْهَا.

(ش) : قَوْلُهُ لَا يَحِلُّ بَيْعُ الزَّيْتُونِ بِالزَّيْتِ لِمَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْمُزَابَنَةِ، وَذَلِكَ بَيْعُ الشَّيْءِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ مَجْهُولٌ، وَهُوَ مِمَّا يُعْتَبَرُ فِيهِ التَّسَاوِي لِتَحْرِيمِ الرِّبَا فِيهِ، وَإِنَّمَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَخْرُجُ مِنْهُ أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ أَوْ أَكْثَرُ فَهَذَا غَرَرٌ، وَمُخَاطَرَةٌ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدُهُمَا الْأَكْثَرَ مِمَّا لَا يَشُكُّ فِي أَنَّهُ أَكْثَرُ لِمَا يَأْخُذُ مِنْهُ فَيَخْرُجُ بِذَلِكَ عَنْ الْمُخَاطَرَةِ، وَالْمُقَامِرَةِ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ نَوْعٌ آخَرُ مِنْ الْفَسَادِ، وَهُوَ التَّفَاضُلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015