مَا جَاءَ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ (ص) : (عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهَا قَالَتْ «أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إيَّاهُ» ) .
مَا جَاءَ فِي الْبَوْلِ قَائِمًا وَغَيْرِهِ (ص) : (مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ قَالَ «دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ الْمَسْجِدَ فَكَشَفَ عَنْ فَرْجِهِ لِيَبُولَ فَصَاحَ النَّاسُ بِهِ حَتَّى عَلَا الصَّوْتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اُتْرُكُوهُ فَتَرَكُوهُ فَبَالَ ثُمَّ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ أَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي هَذَا الْبَابِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ حَدِيثَ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهَا لَا تَغْتَسِلُ إلَّا غُسْلًا وَاحِدًا ثُمَّ تَتَوَضَّأَ بَعْدَ ذَلِكَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَهَذَا أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى.
[مَا جَاءَ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ]
(ش) : قَوْلُهَا أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِصَبِيٍّ مَعْنَاهُ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يَأْتُونَ بِصِبْيَانِهِمْ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَدْعُوَ لَهُمْ وَيُحَنِّكَهُمْ وَيُسَمِّيَهُمْ تَبَرُّكًا بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُتِيَ بِصَبِيٍّ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتْبَعَهُ إيَّاهُ يُرِيدُ أَتْبَعَ الْمَاءَ بَوْلَ الصَّبِيِّ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى نَجَاسَتِهِ عَلَى قَوْلِنَا أَنَّ أَفْعَالَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْوُجُوبِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ نَجِسًا لَمَا وَجَبَ إتْبَاعُهُ بِالْمَاءِ هَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ فِي بَوْلِ الصَّبِيِّ وَالْجَارِيَةِ سَوَاءً أَكَلَا الطَّعَامَ أَوْ لَمْ يَأْكُلَاهُ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بَوْلُ الصَّبِيِّ الَّذِي لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ طَاهِرٌ لَا يَجِبُ غَسْلُهُ وَيُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ لِنَجَاسَتِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَرَوَى الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ بِالْمُخْتَصَرِ لَا يُغْسَلُ بَوْلُ الْجَارِيَةِ وَلَا الْغُلَامِ حَتَّى يَأْكُلَا الطَّعَامَ وَهَذِهِ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ وَالصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ مَا تَقَدَّمَ وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْقِيَاسِ أَنَّ هَذَا بَوْلُ آدَمِيٍّ فَوَجَبَ غَسْلُ الثَّوْبِ مِنْهُ أَصْلُ ذَلِكَ بَوْلُ مَنْ أَكَلَ الطَّعَامَ.
(ص) : (مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أُمِّ قَيْسِ بِنْتِ مُحْصِنٍ «أَنَّهَا أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ» ) .
(ش) : قَوْلُهُ أَتَتْ بِابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ يُرِيدُ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَأْتُونَ بِمَنْ وُلِدَ مِنْ أَوْلَادِهِمْ قَبْلَ أَنْ يَأْكُلَ الطَّعَامَ يُحَنِّكُهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَاءَ الْبَرَكَةِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ وَهَذَا إذَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ لَمْ يَقْبَلْ غِذَاءً مِنْ رَضَاعٍ وَلَا غَيْرِهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ يَتَقَوَّتُ بِالطَّعَامِ وَلَمْ يَسْتَغْنِ بِهِ عَنْ الرَّضَاعِ فَإِنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَأْتُونَ بِأَبْنَائِهِمْ لِيَدْعُوَ لَهُمْ لَا سِيَّمَا عِنْدَ شَيْءٍ يَجِدُهُ أَحَدُهُمْ مِنْ مَرَضٍ أَوْ شِبْهِهِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فَأَجْلَسَهُ فِي حِجْرِهِ يُرِيدُ وَضْعَهُ فِيهِ فَسُمِّيَ ذَلِكَ إجْلَاسًا وَإِنْ كَانَ الطِّفْلُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ لَا يَجْلِسُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى التَّأْوِيلِ خَالِصًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ الْإِجْلَاسَ الْمُعْتَادَ وَإِنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْحَوْلَيْنِ فِي وَقْتٍ يُمْكِنُ فِيهِ جُلُوسُهُ وَقَوْلُهُ فَبَالَ عَلَى ثَوْبِهِ إلَى قَوْلِهِ فَنَضَحَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ يُرِيدُ أَنَّهُ صَبَّ عَلَيْهِ مِنْ الْمَاءِ مَا غَمَرَهُ وَأَذْهَبَ لَوْنَهُ وَطَعْمَهُ وَرِيحَهُ فَطَهُرَ بِذَلِكَ الثَّوْبُ وَهَذِهِ حُجَّةٌ لِمَالِكٍ فِي أَنَّ قَلِيلَ الْمَاءِ لَا يُنَجِّسُهُ قَلِيلُ النَّجَاسَةِ إذَا غَلَبَ عَلَيْهَا وَلَيْسَ يَفْتَقِرُ تَطْهِيرُ النَّجَاسَةِ إلَى إمْرَارِ الْيَدِ وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْهُ إزَالَةُ الْعَيْنِ وَالْحُكْمُ لَمْ يَأْتِ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ مِنْ غَلَبَةِ الْمَاءِ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ.