. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQقِيمَتِهِ يَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ حُكْمٌ يَخْتَصُّ بِهِ، وَهَذَا إنَّمَا أُبِيحُهُ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّهُ إنَّمَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ الثَّانِي بِتَصْحِيحِ الْأَوَّلِ فَإِذَا لَمْ تَفُتْ الثِّيَابُ بَقِيَ الثَّوْبُ الْأَوَّلُ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ بِفَسْخِ الْعَقْدِ الثَّانِي عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ، وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ يُفْسَخْ الْعَقْدَانِ فَإِنَّ التَّرَادَّ يَقَعُ فِي الْأَثْوَابِ الثَّلَاثَةِ وَإِذَا فَاتَتْ الثِّيَابُ فَأَكْثَرُ أَصْحَابِنَا عَلَى رَدِّ الْعَقْدَيْنِ فَلَا يَصِحُّ هَذَا فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَأَحْكَمُ.
(فَصْلٌ) :
وَأَمَّا الثَّوْبُ الَّذِي رَدَّهُ الْمُبْتَاعُ إلَى الْبَائِعِ فَقَالَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ وَلَمْ يُعَيِّنْ وَجْهَهُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الثَّوْبِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي فَاسِدًا فَالْفَسَادُ يَتَنَاوَلُ الْعِوَضَ وَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ بَاعَ ثَوْبًا بِثَوْبٍ عَلَى أَنَّهُ سَلَفٌ فَإِنَّ حُكْمَ الثَّوْبَيْنِ فِي التَّرَاجُعِ وَالْفَوَاتِ سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي الْقِيمَةِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ صَحِيحًا، وَإِنَّمَا يُنْقَضُ لِتَصْحِيحِ الثَّانِي الَّذِي دَخَلَتْهُ الشُّبْهَةُ بِاجْتِمَاعِهِمَا فَهَذَا حُكْمُ الثَّوْبِ الثَّانِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَدْ بَسَطْتُ الْقَوْلَ فِيهِ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ فِي الثَّوْبِ الثَّالِثِ وَهُوَ الَّذِي دَفَعَهُ الْبَائِعُ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي أَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ مَا قَارَنَ بَيْعُهُ سَلَفًا فِيهِ أَيْضًا نَظَرٌ، وَذَلِكَ أَنَّ تَعَلُّقَ الْفَسَادِ بِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ، وَذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَأَسْلَفَهُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ لِيَقْبِضَ مِنْهُ عَشَرَةً عِنْدَ الْأَجَلِ وَالثَّانِي أَنَّهُ بَاعَ مِنْهُ الْبَائِعُ هَذَا الثَّوْبَ وَخَمْسَةَ دَنَانِيرَ نَقْدًا بِالثَّوْبِ الَّذِي رَدَّ إلَيْهِ الْمُبْتَاعُ وَبِالْعَشَرَةِ دَنَانِيرَ الْمُؤَجَّلَةِ فَيَدْخُلُهُ الْعَرَضُ بِالْعَرَضِ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَيْنٌ، وَأَحَدُهُمَا الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَالثَّانِي الْقِيمَةُ مَا لَمْ تَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ رَضِيَ بِهِ عَلَى أَنْ يُسَلِّفَهُ، وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ مَمْنُوعٌ لِلْوَجْهِ الْآخَرِ فَفِيهِ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ.
(فَرْعٌ) إذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَاهُ وَوَقَعَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْبِيَاعَاتِ الْمَمْنُوعَاتِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ لَمْ تَفُتْ فُسِخَتْ الْبَيْعَةُ الثَّانِيَةُ وَصَحَّتْ الْأُولَى قَالَهُ سَحْنُونٌ، وَقَالَ غَيْرُهُ تُفْسَخُ الْبَيْعَتَانِ جَمِيعًا وَلَا أَنْ يَصِحَّ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَامَلَا عَلَى الْبَيْعَةِ إنَّمَا وَجَدَاهَا تُبَاعُ فَابْتَاعَهَا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ فَهَذَا تُفْسَخُ الْبَيْعَةُ الثَّانِيَةُ وَتُصَحَّحُ الْأُولَى وَجْهُ مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ مَعْقُودٌ عَلَى الصِّحَّةِ، وَإِنَّمَا أَقَامَ شُبْهَةَ الْفَسَادِ الْعَقْدُ الثَّانِي فَإِذَا أَمْكَنَ تَسْلِيمُ الْأَوَّلِ مِنْهُ خُصَّ بِالنَّقْضِ دُونَ الْأَوَّلِ، وَوَجْهُ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّهُ إنَّمَا حَكَمْنَا بِالْفَسَادِ فِي ذَلِكَ لَمَّا أَقَمْنَاهُمَا مَقَامَ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ فِي ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ تُعْلَمْ السَّلَامَةُ مِنْ ذَلِكَ وَجَبَ فَسْخُ الْعُقُودِ؛ لِأَنَّهُمَا كَالْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ.
(فَرْعٌ) وَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَالْمَشْهُورُ مِنْ قَوْلِ أَصْحَابِنَا إبْطَالُ الْبَيْعَتَيْنِ جَمِيعًا، وَذَلِكَ إذَا فَاتَتْ بَعْدَ الْقَبْضِ لِلسِّلْعَتَيْنِ جَمِيعًا، وَإِنْ هَلَكَتْ بِيَدِ الْمُبْتَاعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْبَائِعُ الْأَوَّلُ فَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْبَيْعَ الثَّانِيَ يَبْطُلُ خَاصَّةً وَيَثْبُتُ الْأَوَّلُ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، فَأَمَّا إنْ فَاتَ بَعْدَ الْقَبْضِ بِيَدِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الثَّمَنَانِ قُبِضَا أَوْ قُبِضَ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يُقْبَضَا، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الْمُعَجَّلُ، وَإِنْ كَانَ قُبِضَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ يَرُدُّ الْمُبْتَاعُ الْأَوَّلُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ الثَّمَنَ الَّذِي قَبَضَ مِنْهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مُعَجَّلًا وَلَا مُؤَجَّلًا وَنَحْوَ ذَلِكَ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّهُ يَكُونُ مُعَجَّلًا أَوْ إلَى أَجَلٍ أَقْرَبَ مِنْ أَجَلِ الثَّمَنِ الْآخَرِ، وَذَكَرَ شُيُوخُنَا الْأَنْدَلُسِيُّونَ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلًا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِخَمْسَةٍ مُعَجَّلَةٍ فَقَبَضَ الْمُبْتَاعُ الْخَمْسَةَ وَفَاتَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَإِنَّك تَنْظُرُ إلَى قِيمَةِ الثَّوْبِ، فَإِنْ كَانَ عَشَرَةً فَصَاعِدًا غَرِمَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ لِلْمُبْتَاعِ الْأَوَّلِ تَمَامَ الْقِيمَةِ يُقَاصُّهُ مِنْهَا بِخَمْسَتِهِ الَّتِي قَبَضَ مِنْهُ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَابْنِ عَبْدُوسٍ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعَقْدَ الثَّانِيَ وَتَعْجِيلَ الثَّمَنِ فِيهِ أَثْبَتَ الْفَسَادَ فَإِذَا نُقِضَ زَالَ مُوجِبُ الْفَسَادِ، وَوَجْهُ قَوْلِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَنَّهُ إذَا كَانَ قِيمَةُ الثَّوْبِ الْعَشَرَةَ فَأَكْثَرَ ضَعُفَتْ التُّهْمَةُ فِي أَنَّهُمَا عَمِلَا عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يُفْسَخْ إلَّا الْعَقْدُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي ثَبَتَ بِهِ صُورَةُ الْفَسَادِ دُونَ مَعْنَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَقَلَّ مِنْ