(ص) : (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ مِنْ الرَّجُلِ الْجَارِيَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهَا بِهِ إلَى أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْأَجَلِ الَّذِي بَاعَهَا إلَيْهِ: إنَّ ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ، وَتَفْسِيرُ مَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ الْجَارِيَةَ إلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يَبْتَاعَهَا إلَى أَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْهُ يَبِيعُهَا بِثَلَاثِينَ دِينَارًا إلَى شَهْرٍ، ثُمَّ يَبْتَاعُهَا بِسِتِّينَ دِينَارًا إلَى سَنَةٍ أَوْ إلَى نِصْفِ سَنَةٍ فَصَارَ إنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ سِلْعَتُهُ بِعَيْنِهَا وَأَعْطَاهُ صَاحِبُهُ ثَلَاثِينَ دِينَارًا إلَى أَشْهُرٍ بِسِتِّينَ دِينَارًا إلَى سَنَةٍ أَوْ إلَى نِصْفِ سَنَةٍ فَهَذَا لَا يَنْبَغِي)
ـــــــــــــــــــــــــــــQلِمَا يَدْخُلُهُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ، فَإِنْ كَانَ اكْتَالَهُ وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ الْمَتَاعُ وَكَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا أَوْ لَمْ يُنْقَدْ بَعْدُ فَقَدْ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بَأْسَ أَنْ يَزِيدَهُ الْمُبْتَاعُ نَقْدًا مَا شَاءَ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ وَعَرَضٍ وَطَعَامٍ مِنْ جِنْسِهِ وَمِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُرَاعَى فِي الْوَرِقِ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ بَيْعٌ وَصَرْفٌ، وَقَدْ رَأَيْت هَذَا لِبَعْضِ مَشَايِخِنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَرْعٌ) قَالَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَهُ شَيْئًا مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَفِي زِيَادَةِ الْعَرَضِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَفِي زِيَادَةِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ الْأَجَلُ فِي الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ أَوْ بِالْوَرِقِ وَعِنْدِي أَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَهِيَ الثَّانِيَةُ مِنْ مَسْأَلَتَيْ رَبِيعَةَ، وَإِنْ كَانَ نَقَدَهُ الثَّمَنَ فَهُوَ بَيْعٌ حَادِثٌ يَجُوزُ فِيهِ مَا يَجُوزُ فِي سَائِرِ الْبُيُوعِ.
(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ مَنْ بَاعَ جَارِيَةً بِثَلَاثِينَ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ إلَى أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ الْأَجَلِ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ غَيْرِ الْمُقَاصَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبِضُ عَنْهُ عِنْدَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ ثَلَاثِينَ وَيَدْفَعُ إلَيْهِ عِنْدَ الْأَجَلِ سِتِّينَ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ بَيْعِ الْجَارِيَةِ وَابْتِيَاعِهَا لَغْوٌ تَوَصَّلَا بِهِ إلَى بَيْعِ ثَلَاثِينَ دِينَارًا بِسِتِّينَ دِينَارًا، وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَطَاوُسٌ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَقَدْ اسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ عَنْ أُمِّ يُونُسَ وَاسْمُهَا الْعَالِيَةُ أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ لَهَا أُمُّ مُحِبَّةٍ أُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ الْأَنْصَارِيِّ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَتَعْرِفِينَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ قَالَتْ نَعَمْ قَالَتْ فَإِنِّي بِعْته عَبْدًا إلَى الْعَطَاءِ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَاحْتَاجَ فَاشْتَرَيْتُهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ قَالَتْ بِئْسَمَا اشْتَرَيْت أَبْلِغِي زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ لَمْ يَتُبْ قَالَتْ فَقُلْت أَرَأَيْتِ إنْ تَرَكْتُ الْمِائَتَيْنِ، ثُمَّ أَخَذْت السِّتَّمِائَةِ قَالَتْ نَعَمْ {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: 275] وَدَلِيلُنَا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ هَذَا بَيْعٌ آلَ بَيْنَ مُتَبَايِعَيْنِ إلَى دَنَانِيرَ بِأَكْثَرَ مِنْهَا فَوَجَبَ أَنْ يَفْسُدَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ دِينَارًا بِدِينَارٍ إلَى أَجَلٍ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَجُمْلَةُ هَذَا أَنَّ الَّذِي يَتَحَرَّرُ مِنْهُ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ يَئُولَ أَحَدُهُمَا إلَى بَيْعِ الشَّيْءِ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا إلَى أَجَلٍ، فَإِنْ سَلِمَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ذَلِكَ فَهِيَ صَحِيحَةٌ، وَإِنْ أَدَّى إلَى ذَلِكَ نُظِرَ فِيهِ وَهُوَ عَلَى: قِسْمَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الثَّمَنَانِ عَيْنًا وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَا غَيْرَ عَيْنٍ، فَإِنْ كَانَا عَيْنًا فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ الثَّانِي عَلَى الْمُقَاصَّةِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ عَلَى غَيْرِ الْمُقَاصَّةِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُقَاصَّةِ بِالثَّمَنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ السِّلْعَةَ الَّتِي بَاعَهَا إلَى الْأَجَلِ بِمِثْلِ ذَلِكَ الثَّمَنِ وَبِأَقَلَّ وَبِأَكْثَرَ وَإِلَى أَقْرَبَ مِنْ ذَلِكَ الْأَجَلِ وَأَبْعَدَ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ لَا يَسْلَمُ مِنْ تَسْلِيمِ الْعَيْنِ فِي مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فَهِيَ إقَالَةٌ مَحْضَةٌ، وَإِنْ كَانَ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَالْوَزْنُ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى الْمُقَاصَّةِ فَإِنَّ فِيهِ تِسْعَ مَسَائِلَ عَلَى ثَلَاثِ أَحْوَالٍ قَبْلَ الْأَجَلِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ وَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ وَإِلَى الْأَجَلِ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْوُجُوهِ وَإِلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ بِمِثْلِ ذَلِكَ يَبْطُلُ مِنْهَا مَسْأَلَتَانِ وَيَصِحُّ سَائِرُهَا وَهُمَا إلَى قَبْلِ الْأَجَلِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ وَإِلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا إلَى أَقْرَبَ مِنْ الْأَجَلِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ أَعْطَى قَبْلَ الْأَجَلِ ثَلَاثِينَ وَأَخَذَ عِنْدَ الْأَجَلِ سِتِّينَ، وَإِنْ كَانَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ بِأَكْثَرَ مِنْ