(ص) : (قَالَ مَالِكٌ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى جَنِينٌ فِي بَطْنِ أُمِّهِ إذَا بِيعَتْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَرَرٌ لَا يُدْرَى أَذَكَرٌ هُوَ أَمْ أُنْثَى أَحَسَنٌ أَمْ قَبِيحٌ أَوْ نَاقِصٌ أَوْ تَامٌّ أَوْ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ، وَذَلِكَ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا)

ـــــــــــــــــــــــــــــQبِهِ الْعَمَلُ فَوَجَبَ أَنْ يَخْتَلِفَ جِنْسُهُ بِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَقِلَّتِهِ كَالْمَاعِزِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَأَمَّا الطَّيْرُ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُقْصَدُ مِنْهُ الْبَيْضُ وَالثَّانِي لَا يُقْصَدُ فَأَمَّا مَا لَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْبَيْضُ فَذُكُورُهُ وَإِنَاثُهُ وَصِغَارُهُ وَكِبَارُهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَأَمَّا مَا يُقْصَدُ مِنْهُ الْبَيْضُ كَالدَّجَاجِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ فَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ مِمَّا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْجِنْسُ، وَقَالَ أَصْبَغُ يَخْتَلِفُ بِهِ الْجِنْسُ وَجْهُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْبَيْضَ فِي الدَّجَاجِ لَيْسَ يُقْصَدُ بِالِاقْتِنَاءِ لَهُ فِي الْأَغْلَبِ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِاللَّحْمِ، وَذَلِكَ مُتَسَاوٍ فِي جَمِيعِهَا وَوَجْهٌ آخَرُ أَنَّ هَذِهِ وِلَادَةٌ وَالْوِلَادَةُ لَا يُعْتَبَرُ بِهَا فِي الْجِنْسِ قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ كَسَائِرِ الْحَيَوَانِ، وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ الْبَيْضَ مَعْنًى مَقْصُودٌ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ مِنْ الْحَيَوَانِ كَاللَّبَنِ فِي الْغَنَمِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ، فَإِنْ أَشْبَهَ بَعْضُ ذَلِكَ بَعْضًا حَتَّى يَتَقَارَبَ فَلَا تَأْخُذْ مِنْهُ اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ إلَى أَجَلٍ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا يُرِيدُ أَنْ يَكُونَ الرَّقِيقُ سُودَانًا أَوْ بَيْضًا وَرُومًا أَوْ نَوْبَةً فَإِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ فِيهِمْ يُبِيحُ التَّفَاضُلَ مَعَ النَّسَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ تَبِيعَ مَا اشْتَرَيْت مِنْ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ إذَا انْتَقَدْت ثَمَنَهُ مِنْ غَيْرِ صَاحِبِهِ الَّذِي ابْتَعْت مِنْهُ يُرِيدُ أَنَّ مَا أَسْلَمْت فِيهِ مِنْ الرَّقِيقِ يَجُوزُ أَنْ تَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ تَسْتَوْفِيَهُ، وَكَذَلِكَ كُلُّ مَا لَيْسَ بِمَطْعُومٍ عِنْدَ مَالِكٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يُسْتَوْفَى إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَقَوْلُهُ إذَا انْتَقَدْت ثَمَنَهُ وَكَانَ مُؤَجَّلًا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ اشْتِرَاطِ انْتِقَادِ الثَّمَنِ فِي الْمَبِيعِ الَّذِي أَلْزَمَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْتَقِدْ ثَمَنَهُ وَكَانَ مُؤَجَّلًا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ أَوْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَالَهُ عِنْدَهُ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَيْنًا وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ عَرَضَا، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَ الثَّمَنِ سَوَاءً عَدَدًا وَصِفَةً؛ لِأَنَّ مَآلَهُ إلَى السَّلَفِ الْجَائِزِ فَلَيْسَ فِيهِ وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ الْفَسَادِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَكْثَرَ عَدَدًا؛ لِأَنَّ مَآلَهُ إلَى الزِّيَادَةِ فِي السَّلَفِ، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ وَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ أَدْنَى عَدَدًا أَوْ صِفَةً؟ جَوَّزَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَأَبَاهُ ابْنُ أَبِي سَلَمَةَ، وَوَجْهُ جَوَازِهِ أَنَّ مَالَهُ تَبْعُدُ فِيهِ التُّهْمَةُ أَنْ يُعْطِيَ عَيْنًا لِيَأْخُذَ أَقَلَّ عَدَدًا مِنْهُ أَوْ أَدْنَى صِفَةً وَسَيَأْتِي ذِكْرُ مَنْعِهِ بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ وَبَيْعِهِ مِنْ غَيْرِ بَائِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(ش) : وَهَذَا كَمَا قَالَ إنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ أَمَةٌ أَوْ شَيْءٌ مِنْ إنَاثِ الْحَيَوَانِ وَيُسْتَثْنَى جَنِينٌ فِي بَطْنِهَا وَعُلِّلَ ذَلِكَ بِعِلَّتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ مَجْهُولُ الصِّفَةِ وَالْحَيَاةِ، وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِهَا، وَهَذَانِ تَعْلِيلَانِ صَحِيحَانِ، وَذَلِكَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمَبِيعِ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَسْتَثْنِيَ جُزْءًا مِنْ الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ أَحَدُهَا أَنْ يَكُونَ جُزْءًا شَائِعًا، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ جُزْءًا مُعَيَّنًا، وَالثَّالِثُ أَنْ يَكُونَ جُزْءًا مُقَدَّرًا غَيْرَ شَائِعٍ وَلَا مُعَيَّنٍ، فَإِنْ كَانَ جُزْءًا شَائِعًا فَإِنَّهُ يَصِحُّ فِي جَمِيعِ الْحَيَوَانِ وَفِي غَيْرِ الْحَيَوَانِ كَبَيْعِ رُبْعِ الْعَبْدِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ وَالدَّارِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَإِنْ كَانَ جُزْءًا مُعَيَّنًا فَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ فِي حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِ حَيَوَانٍ، فَإِنْ كَانَ فِي حَيَوَانٍ فَإِنَّهُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا كَالْجَنِينِ وَمَا فِي ظَهْرِ الْفُحُولِ وَلَحْمِ الْفَخِذِ فَهَذَا لَا يَجُوزُ بِوَجْهٍ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ اسْتَثْنَى مِنْ الْجُمْلَةِ مَا لَا نَعْلَمُهُ وَإِذَا لَمْ نَعْلَمْهُ لَمْ نَعْلَمْ بَاقِيَ الْجُمْلَةِ، وَهَذَا فِي أَجِنَّةِ الْإِنَاثِ وَمَا فِي ظُهُورِ الْفُحُولِ وَاضِحُ الْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ قَبْضِ الْمَبِيعِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ، وَأَمَّا اسْتِثْنَاءُ فَخِذِ النَّاقَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلِنَا إنَّ الْمُسْتَثْنَى مَبِيعٌ، وَهَذَا أَظْهَرُ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ فِي قَوْلِنَا أَنَّهُ لَا يُدْرَى أَنَّ الْجَنِينَ حَسَنٌ أَوْ قَبِيحٌ أَوْ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى أَوْ حَيٌّ أَوْ مَيِّتٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ بَاقِيًا عَلَى مِلْكِهِ لَا يَجِبُ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي الْبَيْعِ لِسَلَامَةِ الْمَبِيعِ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015