. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهَذَا عَامٌّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عِنْدَنَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ اخْتِلَافَ الْمَنَافِعِ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْجِنْسِ فَإِذَا ثَبَتَ لَنَا هَذَا ثَبَتَ جَوَازُ التَّفَاضُلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُخَالِفُنَا فِي جَوَازِ التَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسَيْنِ مَعَ التَّسَاوِي وَسَنَدُلُّ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْكَبِيرُ فِي الصَّغِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُتَبَايِنَانِ وَلَيْسَ فِيهِمَا وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ التُّهْمَةِ، وَرَوَى عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَالِكًا كَرِهَ أَنْ تُسَلَّمَ كِبَارُ الْحُمُرِ فِي صِغَارِ الْبِغَالِ؛ لِأَنَّهَا تَنْتُجُ مِنْهَا الْبِغَالُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ قَرِيبًا خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَشَبَهَهَا مِمَّا لَا تُهْمَةَ فِيهِ، وَهَذَا لَيْسَ مِنْ الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّمَا هُوَ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تُسَلِّمَ شَيْئًا مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُزَابَنَةِ فَإِذَا آنَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَجَلَ السَّلَمِ يَمْنَعُهُ مِنْ أَنْ يُخْرِجَ مِنْهُ مَا سَلِمَ فِيهِ صُلْحُ ذَلِكَ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا تَسْلِيمُ صَغِيرٍ فِي كَبِيرَيْنِ إلَى أَجَلٍ فَرَوَى عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إجَازَتَهُ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ الْمَنْعَ مِنْهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَهَذَا إنَّمَا يَجِبُ عِنْدِي أَنْ يُمْنَعَ إلَى أَجَلٍ يَكْبُرُ فِيهِ مِثْلُ ذَلِكَ الصَّغِيرِ فَيَصِيرُ مِثْلَ الْكَبِيرِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ، وَذَلِكَ مِنْ الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَيْسَ مِنْ مَعْنَى هَذَا الْبَابِ بِسَبِيلٍ وَذَهَبَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا إلَى الْمَنْعِ مِنْ تَسْلِيمِ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَنْعِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي تَجْوِيزِ صَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرَيْنِ وَكَبِيرَيْنِ فِي صَغِيرَيْنِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ جَائِزٌ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ يَخْتَلِفَانِ يَصِحُّ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا فَصَحَّ التَّسَاوِي كَالثِّيَابِ بِالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ، وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ التَّفَاضُلَ فِي الْمِقْدَارِ أَبْلَغُ فِي إفْسَادِ الْعُقُودِ مِنْ التَّفَاضُلِ فِي الصِّفَاتِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بِالنَّقْدِ فِي الطَّعَامِ وَيَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ بِالْجُودَةِ وَالصِّفَةِ، ثُمَّ ثَبَتَ وَتَقَرَّرَ أَنَّ هَذَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ بِالْمِقْدَارِ فَبِأَنْ يَجُوزَ فِيهِ التَّفَاضُلُ بِالصِّفَةِ أَوْلَى وَأَحْرَى.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَأَمَّا اخْتِلَافُ الْجِنْسِ بِالْمَنَافِعِ مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي السِّنِّ فَلَا بَأْسَ بِهِ الْوَاحِدَ بِالِاثْنَيْنِ وَالِاثْنَيْنِ بِالْوَاحِدِ، وَهَلْ يُسَلَّمُ الْوَاحِدُ مِنْ ذَلِكَ فِي الْوَاحِدِ؟ رَوَى الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ فِي مَبْسُوطِهِ عَنْ مَالِكٍ إجَازَتَهُ فِي الْبَعِيرِ النَّجِيبِ بِالْبَعِيرِ مِنْ حَاشِيَةِ الْإِبِلِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مِثْلُ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعَبْدِ التَّاجِرِ فِي الْعَبْدِ الَّذِي لَيْسَ بِتَاجِرٍ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمَنَافِعِ قَدْ جَعَلَهُمَا جِنْسَيْنِ يَجُوزُ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ فَبِأَنْ يَجُوزَ فِيهِمَا التَّسَاوِي أَوْلَى وَعَقْدُ هَذَا الْبَابِ أَنَّ مَا حُكِمَ فِيهِ بِالْجِنْسَيْنِ فَإِنَّ التَّسَاوِيَ وَالتَّفَاضُلَ يَجُوزُ فِيهِمَا.
(الْبَابُ الرَّابِعُ فِي تَبْيِينِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ الَّتِي يَتَبَيَّنُ بِهَا مَعْنَى الْجِنْسِ) الْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَعْنَى الْجِنْسِ عِنْدَنَا فِي هَذَا الْبَابِ مَا انْفَرَدَ بِالْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ فَإِذَا اخْتَلَفَ الشَّيْئَانِ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُمَا كَانَا جِنْسَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ وَإِنْ سُمِّيَا بِاسْمٍ وَاحِدٍ وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ وَافْتَرَقَا فِي الِاسْمِ فَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِاخْتِلَافِ الْأَسْمَاءِ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُمَا جِنْسٌ أَنَّ الِاعْتِبَارَ أَيْضًا بِالْأَسْمَاءِ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ ذَلِكَ أَنَّنَا إنَّمَا مَنَعْنَا التَّفَاضُلَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ لِلزِّيَادَةِ فِي السَّلَفِ وَأَجَزْنَاهُ فِي الْجِنْسَيْنِ لِتَعَرِّيه مِنْ ذَلِكَ فَوَجَبَ أَنْ تُرَاعَى الْمَنْفَعَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ مَنْ طَلَبَ الزِّيَادَةَ فِي السَّلَفِ فَإِنَّمَا يَطْلُبُهَا مَعَ اسْتِرْجَاعِ مَا سَلَف وَبَقَاءِ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ لَهُ فَإِذَا اسْتَرْجَعَ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ أُخْرَى بِغَيْرِ مَنْفَعَةِ الْعَيْنِ الَّتِي سَلَفَ لَمْ تَحْصُلْ لَهُ الزِّيَادَةُ فِي السَّلَفِ، وَلِذَلِكَ جَوَّزْنَا التَّفَاضُلَ بَيْنَ التَّمْرِ الْعَرَبِيِّ وَالتَّمْرِ الْهِنْدِيِّ وَبَيْنَ الْجَوْزِ الْهِنْدِيِّ وَاَلَّذِي لَيْسَ بِهِنْدِيٍّ.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ اخْتِلَافَ الْمَنَافِعِ فِي الْجِنْسِ يَكُونُ عَلَى ضَرْبَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَخْتَلِفَ مَنَافِعُهُمَا لِلصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَالثَّانِي أَنْ تَخْتَلِفَ لِلتَّنَاهِي فِي الْمَنْفَعَةِ الْمَقْصُودَةِ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فَأَمَّا الصِّغَرُ وَالْكِبَرُ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ جِنْسِ الْحَيَوَانِ، فَإِنْ