. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَنْكَرَتْ أَنْ يَكُونَ لِزَوْجِ الْمُرْضِعَةِ تَأْثِيرٌ فِي التَّحْرِيمِ لَمَّا كَانَ التَّحْرِيمُ مُتَعَلِّقًا بِالرَّضَاعِ وَلَا حَظَّ لَهُ فِيهِ، فَلَمَّا قَالَ لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّهُ عَمُّك فَلْيَلِجْ عَلَيْك تَحَقَّقَتْ أَنَّ مَا اعْتَرَضَ فِي نَفْسِهَا مِنْ الشُّبْهَةِ لَيْسَ بِشَيْءٍ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حُكْمٌ وَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ تَحْرِيمَ الرَّضَاعِ يَتَعَلَّقُ بِجَنْبَةِ زَوْجِ الْمُرْضِعَةِ كَمَا يَتَعَلَّقُ بِجَنْبَةِ الْمُرْضِعَةِ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهَا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَذَلِكَ بَعْدَ مَا ضُرِبَ عَلَيْنَا الْحِجَابُ تُرِيدُ أَنَّ إبَاحَةَ دُخُولِ الْعَمِّ مِنْ الرَّضَاعَةِ عَلَيْهَا كَانَ بَعْدَ أَنْ ضُرِبَ الْحِجَابُ وَمُنِعَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ إلَّا ذُو مَحْرَمٍ، وَأَمَّا قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الْحِجَابُ فَلَمْ يَكُنْ يَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ الْأَجَانِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ) :
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ الرَّضَاعَةَ تُحَرِّمُ مَا تُحَرِّمُ الْوِلَادَةُ يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مَنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ يَتَعَلَّقُ بِهِ بِسَبَبِ الرَّضَاعَةِ فَكَمَا أَنَّ الْوِلَادَةَ تُحَرِّمُ الْأَعْمَامَ وَالْإِخْوَةَ وَالْأَجْدَادَ فَكَذَلِكَ سَبَبُ الرَّضَاعِ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُوجَدَ اللَّبَنُ بِالْمَرْأَةِ دُونَ الرَّجُلِ كَاللَّبَنِ يُوجَدُ بِالْبِكْرِ؛ لِأَنَّ غَالِبَ أَحْوَالِهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ وِلَادَةٍ وَلَكِنْ يُحْمَلُ مَا يُوجَدُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى عُمُومِ سَبَبِهِ أَوْ خُصُوصِهِ، وَقَدْ وُجِدَ عِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ بِغَيْرِ أَبٍ وَلَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَتَعَلَّقَ التَّحْرِيمُ بِجَنْبَةِ الْأَبِ بِسَبَبِ الْوِلَادَةِ بِجَنْبَةِ الْأُمِّ.
(مَسْأَلَةٌ) :
إذَا ثَبَتَ أَنَّ لِلْفَحْلِ تَأْثِيرًا فِي اللَّبَنِ فَإِنَّ ذَلِكَ التَّأْثِيرَ يَثْبُتُ بِالْوَطْءِ وَإِنْ لَمْ تَقْتَرِنْ بِهِ وِلَادَةٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاحْتَجَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ الْمَاءُ يَعْمَلُ اللَّبَنَ، وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَقَدْ هَمَمْت أَنْ أَنْهَى عَنْ الْغِيلَةِ» قَالَ مَالِكٌ وَالْغِيلَةُ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ وَهِيَ تُرْضِعُ وَإِذَا كَانَ لِلْوَطْءِ تَأْثِيرٌ فِي اللَّبَنِ وَإِدْرَارٌ لَهُ دُونَ وِلَادَةٍ جَازَ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي التَّحْرِيمِ تَأْثِيرٌ كَمَا لَوْ تَقَدَّمَتْهُ وِلَادَةٌ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
لَوْ وَلَدَتْ امْرَأَةٌ مِنْ رَجُلٍ فَأَرْضَعَتْ الْمَوْلُودَ وَفَطَمَتْهُ، ثُمَّ أَرْضَعَتْ بَعْدَ الْفِصَالِ بِذَلِكَ اللَّبَنِ طِفْلًا آخَرَ لَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَبًا لَهُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ أَصْلَ ذَلِكَ اللَّبَنِ مِنْ وَطْئِهِ فَجَمِيعُهُ مُضَافٌ إلَيْهِ حَتَّى يَقْطَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا يَأْتِي بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَطْءٌ لِغَيْرِهِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَلَوْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ وَهِيَ تُرْضِعُ فَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا فَحَمَلَتْ مِنْهُ، ثُمَّ أَرْضَعَتْ طِفْلًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ اللَّبَنُ لَهُمَا مَا لَمْ يَنْقَطِعْ لَبَنُ الْأَوَّلِ.
وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ، وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ لِوَطْءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَأْثِيرًا فِي ذَلِكَ اللَّبَنِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْشُرَ الْحُرْمَةَ فِي جَنْبَتِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ فَحَمَلَتْ مِنْهُ وَلَا مَعْنَى لِاعْتِبَارِ الْحَمْلِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْوَطْءُ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا إذَا كَانَ اللَّبَنُ عَنْ وَطْءٍ حَلَالٍ أَوْ حَرَامٍ قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ؛ لِأَنَّهُ لَبَنُ امْرَأَةٍ فَكَانَ لَهُ تَأْثِيرٌ فِي التَّحْرِيمِ كَمَا لَوْ حَدَثَ عَنْ وَطْءٍ حَلَالٍ وَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ فَقَالَ كُلُّ وَطْءٍ لَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْفَحْلِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنْ يَحْرُمَ، وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا يَلْحَقُهُ بِذَلِكَ اللَّبَنِ حُرْمَةٌ حِينَ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ الْوَلَدُ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ وَطْءُ زِنًى فَلَمْ تَتَعَدَّ حُرْمَتُهُ إلَى جَنْبَةِ الْأَبِ كَحُرْمَةِ النَّسَبِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا إذَا كَانَ مَا يُدَرُّ مِنْ ثَدْيِ الْمَرْأَةِ لَبَنًا، فَإِنْ كَانَ مَاءً أَصْفَرَ أَوْ غَيْرَهُ فَلَا يَحْرُمُ رَوَاهُ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الرَّضَاعَ مُخْتَصٌّ بِاللَّبَنِ فَوَجَبَ أَنْ يَخْتَصَّ حُكْمُهُ بِهِ دُونَ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَهَذَا إذَا كَانَ اللَّبَنُ بِغَيْرِ وَطْءٍ كَالْبِكْرِ يَمُصُّ ثَدْيَهَا الصَّبِيُّ فَتُدِرُّ عَلَيْهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ بِسَبَبِهَا دُونَ سَبَبِ أَبٍ؛ لِأَنَّهُ لَا أَبَ لَهُ فِي الرَّضَاعِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْن الرَّضَاعِ بِلَبَنِ فَحْلٍ أَوْ غَيْرِهِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَسَوَاءٌ كَانَ لَبَنَ حَيَّةٍ أَوْ مَيِّتَةٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا لَبَنٌ مُؤَثِّرٌ فِي التَّحْرِيمِ وَوَصَلَ إلَى جَوْفِ الرَّضِيعِ فِي الْحَوْلَيْنِ مَعَ الْحَاجَةِ إلَى الِاغْتِذَاءِ بِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَنْشُرَ الْحُرْمَةَ كَلَبَنِ الْحَيَّةِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا دَرَّ الرَّجُلُ عَلَى الطِّفْلِ فَأَرْضَعَهُ قَالَ مَالِكٌ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا إنَّمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} [النساء: 23]