. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَاحِدٍ جَازَ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحُكْمِ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجَيْنِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ لَا يَخْرُجُ عَنْهُمَا وَلَا يَجُوزُ لِلسُّلْطَانِ وَلَا لِوَلِيِّ الْيَتِيمَيْنِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ إسْقَاطًا لِحَقِّ الزَّوْجَيْنِ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَأْمُرْ فِيهِ إلَّا بِحَكَمَيْنِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَسَبَبُ تَحْكِيمِ الْحَكَمَيْنِ أَنْ يَقْبُحَ مَا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ وَيَظْهَرَ الشِّقَاقُ بَيْنَهُمَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: اعْلَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا أُمِرَ بِإِزَالَتِهِ، وَإِنْ جَهِلَ ذَلِكَ بَعَثَ الْحَاكِمُ حَكَمَيْنِ وَسَوَاءٌ بَنَى بِهَا الزَّوْجُ أَوْ لَمْ يَبْنِ بِهَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ؛ لِأَنَّ التَّقَابُحَ قَدْ يَقَعُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِذَا نَزَعَ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ أَوْ نَزَعَا جَمِيعًا قَبْلَ حُكْمِ الْحَكَمَيْنِ فَلَا يَخْلُو أَنْ يَبْعَثَ الْحَكَمَيْنِ السُّلْطَانُ أَوْ غَيْرُهُ، فَإِنْ بَعَثَهُمَا السُّلْطَانُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا نُزُوعٌ لِأَنَّ تَحْكِيمَهُمَا حُكْمٌ مِنْ السُّلْطَانِ فَلَيْسَ لَهُمَا نَقْضُهُ، فَإِنْ بَعَثَهُمَا غَيْرُ السُّلْطَانِ جَازَ لَهُمَا النُّزُوعُ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبَا الْكَشْفَ عَنْ أَمْرِهِمَا فَلَا نُزُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَلْزَمُ حُكْمُهُمَا قَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا اُحْتُجَّ بِهِ مِنْ أَنَّ رَجُلَيْنِ لَوْ حَكَّمَا بَيْنَهُمَا رَجُلًا فَلَمَّا ظَهَرَ وَجْهُ الْحَقِّ وَعَلِمَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ أَرَادَ النُّزُوعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) وَمَا يَحْكُمُ بِهِ الْحَكَمَانِ فَعَلَى وَجْهِ الْحُكْمِ لَا عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ، وَالنِّيَابَةِ فَيَنْفُذُ حُكْمُهُمَا، وَإِنْ خَالَفَ مَذْهَبَ الْحَاكِمِ الَّذِي أَنْفَذَ سَوَاءٌ جَمَعَا أَوْ فَرَّقَا وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُمْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحَدِ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ: إنَّهُمَا إنْ جَمَعَا جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ فَرَّقَا لَمْ يَلْزَمْ ذَلِكَ الزَّوْجَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: 35] فَسَمَّاهُمَا حَكَمَيْنِ، وَالْحَكَمُ لَا يَحْتَاجُ فِيمَا يُوقِعُهُ مِنْ الطَّلَاقِ إلَى إذْنِ الزَّوْجِ كَالْوَلِيِّ.
(مَسْأَلَةٌ) :
وَمِنْ حُكْمِ الْحَكَمَيْنِ أَنْ يَكُونَا فَقِيهَيْنِ لِيَعْلَمَا مَوَاقِعَ الْحَقِّ لِيَحْكُمَا بِهِ وَيَكُونَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَهْلِهِ، وَالثَّانِي مِنْ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّ الْأَهْلَ أَعْلَمُ بِبَاطِنِ أَمْرِهِمَا وَأَعْرَفُ بِوُجُوهِ مَنَافِعِهِمَا وَيَكُونَانِ عَدْلَيْنِ لِيُؤْمَنَ جَوْرُهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِهِمَا مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ جَازَ أَنْ يَكُونَا أَجْنَبِيَّيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَوَجْهُ نَظَرِ الْحَكَمَيْنِ أَنْ يَنْظُرَا فِي أَمْرِهِمَا، فَإِنْ رَأَيَا الْإِسَاءَةَ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ فَرَّقَا بَيْنَهُمَا، وَإِنْ رَأَيَا الْإِسَاءَةَ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ تَرَكَاهُمَا وَاسْتَأْمَنَاهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ قِبَلِهِمَا جَمِيعًا فَرَّقَا بَيْنَهُمَا عَلَى بَعْضِ مَا أَصْدَقَهَا وَلَا يُسْتَوْعَبُ لَهُ وَعِنْدَهُ بَعْضُ الْعِلْمِ رَوَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ أَشْهَبَ قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: 229] .
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
، وَإِنْ فَرَّقَا بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ بِشَيْءٍ أَخَذَاهُ لَهُ مِنْهَا فَهُوَ خُلْعٌ، وَالطَّلْقَةُ بَائِنَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهِيَ أَيْضًا طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ قَالَ أَشْهَبُ: إذَا فَرَّقَا بِالْبَتَّةِ فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ كَانَتْ طَلْقَةً بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّهَا وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ؛ لِأَنَّهَا فُرْقَةٌ أَوْقَعَهَا حَكَمٌ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارِ الزَّوْجِ وَلَا تَمْلِيكِهِ فَكَانَتْ بَائِنَةً كَالْفُرْقَةِ بِسَبَبِ الْعَقْدِ.
(مَسْأَلَةٌ) :
، وَإِنْ حَكَمَا بِالثَّلَاثِ رَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ مَا أَخْطَأَ فِيهِ السُّلْطَانُ فَفَرَّقَ بِثَلَاثٍ فِيمَا يُفَرَّقُ فِيهِ بِوَاحِدَةٍ فَقَدْ أَخْطَأَ وَتَكُونُ وَاحِدَةً وَكَذَلِكَ الْحَكَمَانِ وَقَالَ أَشْهَبُ: تَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَلْزَمُهُ الْبَتَّةُ وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ، وَالْخِلَافُ فِي ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْعَبْدِ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَيُفَرِّقُ السَّيِّدُ بَيْنَهُمَا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ، وَالْأَمَةُ تُعْتَقُ تَحْتَ الْعَبْدِ فَتَخْتَارُ نَفْسَهَا بِثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ هَلْ تَكُونُ ثَلَاثًا أَوْ وَاحِدَةً.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَإِنْ حَكَمَ أَحَدُهُمَا بِوَاحِدَةٍ، وَالْآخَرُ بِثَلَاثٍ قَالَ مُحَمَّدٌ هِيَ وَاحِدَةٌ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ وَجْهُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُمَا قَدْ اتَّفَقَا عَلَى إيقَاعِ وَاحِدَةٍ فَيَجِبُ أَنْ يَصِحَّ وَيُبْطَلَ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ؛ وَوَجْهُ قَوْلِ أَصْبَغَ أَنَّ حُكْمَ الْوَاحِدَةِ غَيْرُ حُكْمِ الثَّلَاثِ فَلَا يُوجَدُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى أَحَدِ الْحُكْمَيْنِ فَيَجِبُ أَنْ يُبْطَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِنْ حَكَمَ أَحَدُهُمَا بِطَلْقَةٍ عَلَى مَالٍ، وَالْآخَرُ بِوَاحِدَةٍ بِغَيْرِ مَالٍ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِاجْتِمَاعٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ رَضِيَتْ أَنْ تُمْضِيَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ الْمَالِ لَزِمَ الزَّوْجَ الطَّلَاقُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ