. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا يُمْنَعُ مِنْ الصَّوْمِ، فَإِنْ أَبَى فَهُوَ مُضَارٌّ وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ يُرْفَعُ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ، فَإِنْ رَأَى الْعِتْقَ خَيْرًا لَهُ مِنْ فِرَاقِ أَهْلِهِ أَعْطَاهُ رَقَبَةً يُكَفِّرُ بِهَا، وَإِنْ رَأَى ذَلِكَ خَيْرًا فَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَلَا يَصُومُ وَمِنْ الْمُزَنِيَّة قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إنْ لَمْ يَرَ لَهُ وَلِيُّهُ الْكَفَّارَةَ بِالْعِتْقِ كَفَّرَ هُوَ بِالصَّوْمِ فَقَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ مَبْنِيٌّ عَلَى أَصْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَا تَقَرَّرَ وُجُوبُهُ بِالشَّرْعِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ لَيْسَ مَصْرُوفًا أَدَاؤُهُ إلَى إذْنِ الْوَلِيِّ، فَإِذَا أَخْرَجَهُ الْمُوَلَّى عَنْهُ نَفَذَ إخْرَاجُهُ وَأَجْزَأَ عَنْهُ كَزَكَاةِ مَالِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ مَنْعَ الْوَلِيِّ مِنْ الْعِتْقِ عَلَى وَجْهٍ صَحِيحٍ مِنْ النَّظَرِ يَقُومُ مَقَامَ عَدَمِ الرَّقَبَةِ فِي جَوَازِ الِانْتِقَالِ إلَى الصَّوْمِ، وَقَوْلُ مَالِكٍ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لِلسُّلْطَانِ النَّظَرَ فِي ذَلِكَ لَمَّا كَانَ الْخُرُوجُ عَنْ هَذَا الْحَقِّ يَصِحُّ بِوَجْهَيْنِ كَانَ لَهُ النَّظَرُ فِي أَرْشَدِهِمَا، وَعَلَى أَنَّ مَنْعَ السُّلْطَانِ مِنْ الْعِتْقِ لَا يُبِيحُ الِانْتِقَالَ إلَى الصَّوْمِ مَعَ وُجُودِ الرَّقَبَةِ، وَإِنَّمَا لَهُ النَّظَرُ فِي أَرْشَدِ الْأَمْرَيْنِ: الْعِتْقِ عَنْهُ أَوْ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ لِلْوَلِيِّ النَّظَرَ فِي إنْفَاذِ الْعِتْقِ أَوْ مَنْعِهِ، وَإِذَا مَنَعَ مِنْهُ قَامَ ذَلِكَ مَقَامَ عَدَمِ الرَّقَبَةِ فَانْتَقَلَ إلَى الصَّوْمِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَأَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ لِحَقِّ غَيْرِهِ كَالْعَبْدِ، فَإِنَّهُ لَا تَجُوزُ لَهُ الْكَفَّارَةُ بِالْعِتْقِ لِمَعْنَيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: حَقُّ السَّيِّدِ، وَالثَّانِي أَنَّ الْوَلَاءَ لَا يَثْبُتُ، وَذَلِكَ يَمْنَعُ وُقُوعَ الْعِتْقِ عَنْهُ، وَعَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالْمَبْسُوطِ لَا يُجْزِئُهُ الْعِتْقُ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ لَهُ الْوَلَاءُ.

وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُكَفِّرُ بِالْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لِسَيِّدِهِ.

(مَسْأَلَةٌ) :

فَإِذَا قُلْنَا: لَا يَجُوزُ لَهُ الْعِتْقُ، وَإِنَّ فَرْضَهُ الصِّيَامُ فَهَلْ لِسَيِّدِهِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ أَمْ لَا فَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ لِأَهْلِهِ مَنْعُهُ إذَا أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِمْ فِي خِدْمَتِهِ وَعَمَلِهِ، وَإِذَا لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِهِمْ، وَإِنَّمَا قَصَدُوا لِيُفَرِّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ أُجْبِرُوا عَلَى ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْ الصَّوْمِ، وَإِنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِ فِي عَمَلِهِ وَقَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ فِي الْمُزَنِيَّة وَقَالَ لَوْ شَاءَ سَيِّدُهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي النِّكَاحِ وَجْهُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّهُ مَعْنًى أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُدْخِلَ عَلَى نَفْسِهِ مَا يَضُرُّ بِسَيِّدِهِ فِي عَمَلِهِ كَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ، وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّ هَذَا صَوْمٌ قَدْ ثَبَتَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ كَالْفَرْضِ وَلِأَنَّ هَذَا مِنْ أَحْكَامِ النِّكَاحِ الَّتِي قَدْ مَلَكَهَا بِالنِّكَاحِ فَلَا يَكُونُ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ إلَّا بِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ مَالِكٍ لَهُ مَنْعُهُ إذَا أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِ فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ مَالِكٍ إنْ كَانَ يُؤَدِّي الْخَرَاجَ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ، فَإِنْ قَوِيَ عَلَى صَوْمِهِ وَعَمَلِهِ فَلَا يُمْنَعُ وَوَجْهُ ذَلِكَ مَا قَدَّمْنَاهُ.

(فَرْعٌ) فَإِذَا كَانَ يَضُرُّ بِعَمَلِهِ وَسَوَّغْنَا لِلسَّيِّدِ مَنْعَهُ مِنْ الصَّوْمِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ مَنَعَهُ سَيِّدُهُ الصِّيَامَ وَأَذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ أَجْزَأَهُ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمَبْسُوطِ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ فَالصِّيَامُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا أَدْرِي مَا هَذَا وَلَيْسَ يُطْعِمُ أَحَدٌ يَسْتَطِيعُ الصِّيَامَ وَلَا أَرَى جَوَابَ مَالِكٍ فِي الْمَسْأَلَةِ إلَّا وَهْمًا وَلَعَلَّهُ أَرَادَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ: إنَّ مَعْنَاهُ أَنْ لَا يَقْدِرَ عَلَى الصَّوْمِ فَيَقُولُ: الْإِطْعَامُ يُجْزِئُهُ وَلَيْسَ يَسْتَحْسِنُهُ؛ لِأَنَّ لِلسَّيِّدِ التَّصَرُّفَ فِيهِ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهُ إلَى الْمَسَاكِينِ وَيَحْتَمِلُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الصَّوْمَ يَضُرُّ بِهِ فِي عَمَلِهِ فَلِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَيَأْذَنُ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ فَالصِّيَامُ كَانَ أَفْضَلَ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ لَا يَصُومُ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ وَلَا يُطْعِمُ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَالصِّيَامُ أَحَبُّ إلَيْهِ أَنْ يَأْذَنَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ السَّيِّدُ أَنْ يَتَمَوَّلَهُ قَبْلَ إنْفَاذِهِ وَيَقْدِرُ عَلَى إزَالَةِ الْمَالِ مِنْهُ قَبْلَ إنْفَاذِهِ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَلِأَنَّهُ لَوْ شَاءَ رَجَعَ عَنْ إذْنِهِ وَفِي الْمُزَنِيَّة قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ: لَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ الْمُتَظَاهِرِ عِتْقٌ وَلَا إطْعَامٌ، وَلَوْ كَانَ يَجِدُ مَا يُطْعِمُ وَيُعْتِقُ وَلَكِنْ يَصُومُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَبْسُوطِ لَا يُطْعِمُ؛ لِأَنَّ إذْنَ السَّيِّدِ لَا يَخْرُجُ إلَّا طَعَامٌ مِنْ مِلْكِ السَّيِّدِ إلَّا إلَى الْمَسَاكِينِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ أَنَّ مِلْكَ الْعَبْدِ غَيْرُ مُسْتَقَرٍّ وَلَفْظُهُ يَقْتَضِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015