(ص) : (مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ إذَا مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ إلَّا أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهَا فَيَقُولَ لَمْ أُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً فَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَيَكُونَ أَمْلَكَ بِهَا مَا كَانَتْ فِي عِدَّتِهَا)

ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي الصَّغِيرَةِ تُخَيَّرُ فَتَخْتَارُ نَفْسَهَا ذَلِكَ لَهَا وَقَالَ ذَلِكَ لَهَا إذَا بَلَغَتْ فِي حَالِهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرِيدُ بَلَغَتْ حَدَّ الْوَطْءِ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا بَلَغَتْ مَبْلَغًا تَعْرِفُ مَا مَلَكَتْ أَوْ يُوطَأُ مِثْلُهَا فَذَلِكَ لَازِمٌ.

وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَجْمُوعَةِ عَنْ الْمَغْمُورَةِ يُخَيِّرُهَا زَوْجُهَا، وَهِيَ مُفِيقَةٌ فَتَخْتَارُ نَفْسَهَا وَهِيَ مَغْمُورَةٌ أَنَّ قَضَاءَهَا غَيْرُ جَائِزٍ، وَلَوْ خَيَّرَهَا مَغْمُورَةً فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا جَازَ قَضَاؤُهَا وَكَذَلِكَ لَوْ مَلَّكَ صَبِيًّا أَمْرَ امْرَأَتِهِ جَازَ مَا قَضَى بِهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ يَعْقِلُ مَا جُعِلَ إلَيْهِ وَمَا يُجِيبُ بِهِ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ وَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِ امْرَأَةٍ أَوْ ذِمِّيٍّ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُ الرَّجُلِ لَا تَفْعَلْ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهِيَةِ لِمَا أَفْتَاهُ بِهِ، وَالْحِرْصُ عَلَى أَنْ يُعِيدَ النَّظَرَ لَعَلَّهُ يُخَالِفُ مَا قَدْ رَآهُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ أَنَا فَعَلْتُهُ أَنْتَ فَعَلْتَهُ يُرِيدُ بِذَلِكَ لَا صُنْعَ لِي فِي ذَلِكَ، إنَّمَا قَوْلُك وَعَمَلُك أَدَّى إلَى مَا أَفْتَيْتُكَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْفَتْوَى إنَّمَا هِيَ بِحَسَبِ سُؤَالِ السَّائِلِ وَمَا يَقُومُ لَهُ مِنْ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ.

(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: إذَا مَلَّكَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ أَمْرَهَا فَالْقَضَاءُ مَا قَضَتْ لَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ مُكَلَّفَةً أَوْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ مُكَلَّفَةً لَزِمَهُ مَا قَضَتْ بِهِ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَعْقِلَ التَّمْلِيكَ أَوْ لَا تَعْقِلَهُ، فَإِنْ عَقَلَتْهُ فَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ فِي الَّذِي يُخَيِّرُ زَوْجَتَهُ قَبْلَ أَنْ تَبْلُغَ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ فَاخْتَارَتْ نَفْسَهَا فَهُوَ طَلَاقٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُرِيدُ إذَا بَلَغَتْ حَدَّ الْوَطْءِ وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا بَلَغَتْ مَبْلَغًا تَعْرِفُ مَا مَلَكَتْ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ وَكَذَلِكَ لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِ صَبِيٍّ.

(مَسْأَلَةٌ) :

وَمَنْ خَيَّرَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ مَغْمُورَةٌ جَازَ قَضَاؤُهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِذَلِكَ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَتْ مُفِيقَةً ثُمَّ أَصَابَهَا ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاؤُهَا قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ قَضَاءَهَا عَلَى مَا عَلِمَ مِنْ حَالِهَا وَعَقْلِهَا فَلَمَّا ذَهَبَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا قَضَتْ بِهِ عَلَى غَيْرِ تِلْكَ الصِّفَةِ.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ: الْقَضَاءُ مَا قَضَتْ بِهِ يُرِيدُ أَنَّ لَفْظَ التَّمْلِيكِ يَقْتَضِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ تَمْلِيكُ نَفْسِهَا، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالطَّلَاقِ فَقَدْ فُهِمَ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ وَضْعُ الطَّلَاقِ بِيَدِهَا كَمَا لَوْ وَكَّلَ أَجْنَبِيًّا عَلَى طَلَاقِهَا، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَعْلُومُ مِنْ لَفْظِ التَّمْلِيكِ وَجَبَ أَنْ يُثْبِتَ حُكْمَهُ كَمَا لَوْ تَلَفَّظَ فِي ذَلِكَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ مَوْضُوعَةٌ لِتَتَفَاهَمَ بِهَا الْمَعَانِي، فَإِذَا كَانَ اللَّفْظُ يُفْهَمُ مِنْ تَمْلِيكِ الطَّلَاقِ مَا يُفْهَمُ مِنْهُ إذَا وَرَدَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ فِي الْحَالَيْنِ سَوَاءٌ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنِّي لَمْ أُرِدْ تَمْلِيكَ الطَّلَاقِ كَمَا لَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ إذَا تَلَفَّظَ بِالطَّلَاقِ وَلِأَنَّ الْعَجَمِيَّ يُمْكِنُ أَنْ يُعَبِّرَ عَنْ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ لَفْظُ طَلَاقٍ وَيَلْزَمُهُ حُكْمُهُ فِي التَّمْلِيكِ، وَالطَّلَاقِ الْمُبْتَدَأِ وَكَذَلِكَ الْأَخْرَسُ يُفْهَمُ عَنْهُ هَذَا بِالْإِشَارَةِ وَتَسَاوَى ذَلِكَ بِلَفْظِهِ بِهِ كَسَائِرِ الْأَحْكَامِ مِنْ النَّدْبِ وَغَيْرِهِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَأَخَذَ مَالِكٌ بِقَوْلِ عُمَرَ إنَّ الْقَضَاءَ مَا قَضَتْ إلَّا أَنْ تُنَاكِرَ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَيْضًا أَنَّهَا إنْ رَدَّتْ التَّمْلِيكَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ؛ لِأَنَّهَا قَضَتْ بِالْبَقَاءِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ.

وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ أَنَّ مَذْهَبَ رَبِيعَةَ فِي التَّمْلِيكِ هِيَ وَاحِدَةٌ قَبِلَتْ أَوْ رَدَّتْ قَالَ مَالِكٌ وَمَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أَخَذَهُ.

وَقَدْ اخْتَارَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُقَامَ فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِرَاقًا وَوَجْهُ ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ مَنْ وَكَّلَ عَلَى الطَّلَاقِ فَلَمْ يُوقِعْهُ الْوَكِيلُ لَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ فَكَذَلِكَ هَذَا.

(فَصْلٌ) :

وَقَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلَّا أَنْ يُنْكِرَ عَلَيْهَا الزَّوْجُ فَيَقُولُ: لَمْ أُرِدْ إلَّا وَاحِدَةً، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَخْلُو التَّمْلِيكُ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ لَا يَنْوِي شَيْئًا، فَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ فَقَضَتْ بِمَا نَوَاهُ لَزِمَ ذَلِكَ وَلَمْ يَلْزَمْ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَّكَهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً وَأَوْقَعَتْهَا فَلَزِمَهَا ذَلِكَ وَلَمْ يَلْزَمْهَا أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015