. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــQالْوَطْءِ لَكَانَ مَعْنَاهُ مَعْنَى الْبَيْنُونَةِ الْوَاقِعَةِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا بِالطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ.

وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ، فَإِنْ قِيلَ فَإِنَّهُ يُقَالُ: وَطْؤُهَا عَلَيْهِ حَرَامٌ، وَالْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ عِنْدَكُمْ وَطْؤُهَا حَرَامٌ فَيَصِحُّ أَنْ يُرِيدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ.

فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقَالُ وَطْؤُهَا عَلَيَّ حَرَامٌ إذَا عَيَّنَ الْوَطْءَ، وَأَمَّا إذَا عَلَّقَ التَّحْرِيمَ عَلَيْهَا فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ إلَّا التَّحْرِيمُ الْمَعْرُوفُ وَلِذَلِكَ لَا يُقَالُ فِي الْحَائِضِ، وَالْمُحْرِمَةِ، وَالصَّائِمَةِ هِيَ مِنْ ذَوِي مَحَارِمِهِ وَلَا هِيَ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَيُقَالُ وَطْؤُهَا عَلَيْهِ حَرَامٌ وَوَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ أَنَّ قَوْلَهُ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ إنَّمَا يَقْتَضِي أَنَّهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ حِين نُطْقِهِ بِذَلِكَ، وَالرَّجْعِيَّةُ لَيْسَتْ بِحَرَامٍ؛ لِأَنَّ اسْتِبَاحَتَهَا إلَيْهِ، وَمَنْ مَلَكَ اسْتِبَاحَةَ شَيْءٍ لَمْ يُوصَفْ بِأَنَّهُ حَرَامٌ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ لَا يُقَالُ فِي الْإِنْسَانِ: مِلْكُ غَيْرِهِ حَرَامٌ عَلَيْهِ لَمَّا كَانَ أَخْذُهُ مُبَاحًا لَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَمْلِكُهُ قَبْلَ أَخْذِهِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَصِفَ نَاقَتَهُ وَلَا شَاتَهُ بِأَنَّ لَحْمَهَا مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهَا إلَّا بَعْدَ الذَّبْحِ، وَأَمْرُهُ مَوْقُوفٌ عَلَى اخْتِيَارِهِ وَتُوصَفُ الْمَيْتَةُ بِأَنَّ لَحْمَهَا حَرَامٌ عَلَيْهِ.

(فَرْعٌ) : فَإِذَا قُلْنَا: إنَّ لَفْظَ التَّحْرِيمِ يَقْتَضِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَقْتَضِي فِي ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ التَّحْرِيمَ الْمُؤَبَّدَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى التَّحْرِيمِ إنَّمَا يَقْتَضِي تَحْرِيمَهَا عَلَى الْحَالِ الَّتِي هِيَ عَلَيْهَا يَوْمَ النُّطْقِ بِهِ، وَهِيَ عَارِيَّةٌ عَنْ الزَّوْجِيَّةِ فَاقْتَضَى وَصْفُهَا بِأَنَّهَا حَرَامٌ تَحْرِيمَ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا وَاسْتِبَاحَتِهَا بِهِ؛ لِأَنَّ بِذَلِكَ تَتَمَيَّزُ مِمَّنْ لَيْسَتْ بِحَرَامٍ مِمَّنْ هِيَ عَلَى صِفَتِهَا فِي التَّعَرِّي مِنْ الزَّوْجِيَّةِ.

وَأَمَّا الزَّوْجِيَّةُ فَإِنَّ إطْلَاقَ هَذَا اللَّفْظِ فِيهَا يَقْتَضِي أَحَدَ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ عَقْدُ نِكَاحٍ عَلَيْهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي إيقَاعَ الثَّلَاثِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا، وَالثَّانِي أَنَّ هَذَا التَّحْرِيمَ مُتَعَلِّقٌ بِمَا أَبَاحَتْهُ الزَّوْجِيَّةُ لَهُ وَمَا مَلَّكَتْهُ إيَّاهُ مِنْ مِلْكِ الْعِصْمَةِ، وَالْوَطْءِ وَضُرُوبِ الِاسْتِمْتَاعِ، وَالتَّوَارُثِ بِحَقِّ النَّسَبِ وَثُبُوتِ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ مِلْكِ الطَّلَاقِ، وَالظِّهَارِ، وَالْإِيلَاءِ، وَاللِّعَانِ، وَالرَّجْعَةِ وَوُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا، وَهَذَا يَحْصُلُ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا بِالْوَاحِدَةِ، وَأَمَّا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِإِيقَاعِ مَا يُمْلَكُ فِيهَا مِنْ الطَّلَاقِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ تَحْرِيمُ الْوَطْءِ لِمَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يُوصَفُ بِالتَّحْرِيمِ مَا يَمْلِكُ اسْتِبَاحَتَهُ مَتَى شَاءَ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُصْرَفَ هَذَا اللَّفْظُ إلَى ذَلِكَ إلَّا أَنَّ هَذَا أَظْهَرُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ، وَإِذَا كَانَ فِيهِ أَظْهَرَ وَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ لَا سِيَّمَا إذَا قَالَ لَمْ أُبْقِ عَدَدًا مِنْ الطَّلَاقِ.

(فَرْعٌ) : وَأَمَّا غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا، فَإِنَّ مَالِكًا يَنْوِيهِ وَقَوْلُهُ أَرَدْت وَاحِدَةً وَيَحْمِلُهُ عَلَى الثَّلَاثِ إذَا لَمْ يَنْوِ عَدَدًا؛ لِأَنَّهَا تَحْرُمُ بِالْوَاحِدَةِ بِخِلَافِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَهَذَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ تَعْلِيقَ التَّحْرِيمِ عَلَيْهَا إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى تَحْرِيمِ مَا اسْتَبَاحَهُ بِالنِّكَاحِ مِنْهَا، وَذَلِكَ يَكُونُ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا بِالطَّلْقَةِ الْوَاحِدَةِ، وَقَدْ رَأَيْت لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْحَرَامَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا يَكُونُ ثَلَاثًا وَلَا يَنْوِي فِي ذَلِكَ كَالْمَدْخُولِ بِهَا، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ عَلَى أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ تَحْرِيمَ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا كَتَحْرِيمِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ فَيَلْزَمُ هَذَا التَّحْرِيمُ بِالْقَوْلِ وَيَزُولُ بِدُخُولِ الزَّوْجِ بَعْدَهُ وَلَا يَزُولُ تَحْرِيمُ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ؛ لِأَنَّهُ ثَابِتٌ بِالشَّرْعِ فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا الثَّلَاثُ، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ نَوَى وَاحِدَةً؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ الَّذِي يَلْزَمُ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَيْسَ هُوَ التَّحْرِيمَ الَّذِي يَلْزَمُ بِالْوَاحِدَةِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَحْرِيمٌ يُزِيلُهُ عَقْدُ النِّكَاحِ، وَتَحْرِيمُ الثَّلَاثِ لَا يُزِيلُهُ عَقْدُ النِّكَاحِ، إنْ كَانَتْ خَالِيَةً مِنْ زَوْجٍ.

(فَرْعٌ) : فَإِذَا قُلْنَا يَنْوِي فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَا يَنْوِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا فَلَوْ حَلَفَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَحَنِثَ بَعْدَهُ فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ مَنْ حَلَفَ بِالْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَحَنِثَ بَعْدَهُ وَنَوَى وَاحِدَةً وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْحِنْثِ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَا يَنْوِي؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ الْحِنْثِ مِمَّنْ لَا يَنْوِي وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْعَقِدُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ بِهَا يَوْمَ الْحِنْثِ فَيَجِبُ أَنْ يُرَاعِيَ صِفَةَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الطَّلَاقِ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إلَّا أَنْ تَعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ الْبَيِّنَةَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَلَهُ الرَّجْعَةُ.

وَقَالَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015