(ص) : (مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةٍ فَلْيَأْتِهَا» ) .
(ص) : (مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُدْعَى لَهَا الْأَغْنِيَاءُ وَيُتْرَكُ الْمَسَاكِينُ وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْيَوْمِ الْأَوَّلِ ثُمَّ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي ثُمَّ دَعَاهُ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلَمْ يُجِبْهُ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ مِثْلُهُ وَقَدْ أَوْلَمَ ابْنُ سِيرِينَ ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ وَدَعَا فِي بَعْضِهَا أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَمَنْ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَلْيُولِمْ مِنْ يَوْمِ ابْتِنَائِهِ إلَى مِثْلِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْإِشْهَارَ لِنِكَاحِهِ وَالتَّوْسِعَةَ عَلَى النَّاسِ وَلَا يَقْصِدُ بِهِ الْمُبَاهَاةَ وَالسُّمْعَةَ.
(مَسْأَلَةٌ) :
فَإِذَا قُلْنَا إنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُوَالِيَ أَيَّامًا فَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ اسْتِدَامَتُهُ أَيَّامًا وَأَمَّا أَنْ يَدْعُوَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ مَنْ لَمْ يَكُنْ دَعَاهُ أَوْ مَنْ دَعَاهُ مَرَّةً فَذَلِكَ سَائِغٌ وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِتَكْرَارِ الْأَيَّامِ الِاسْتِيعَابَ وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُمْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ يَتَكَرَّرُ عَلَى طَعَامِ ثَمَانِيَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّ هَذَا نَوْعٌ مِنْ الْمُبَاهَاةِ وَالْفَخْرِ فَإِذَا تَكَرَّرَ فِي فِعْلٍ مِنْ الْأَفْعَالِ مَقْصِدُ مَا حُمِلَ عَلَيْهِ جُعِلَ ذَلِكَ مُقْتَضَاهُ.
(ش) : اخْتَلَفَ الرُّوَاةُ فِي لَفْظِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ مَالِكٌ إذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إلَى وَلِيمَةٍ فَلْيَأْتِهَا وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَرَوَى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَجِيبُوا الدَّعْوَةَ إذَا دُعِيتُمْ» وَرَوَى مَعْمَرُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إذَا دَعَا أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُجِبْ عُرْسًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ» وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ الزُّبَيْدِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَلَى حَسْبِ هَذَا اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي الْحُكْمِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُزَنِيَّة إنَّمَا هَذَا فِي طَعَامِ الْعُرْسِ وَلَيْسَ طَعَامُ الْإِمْلَاكِ مِثْلَهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ الْإِمْلَاكَ حِينَ الْعَقْدِ وَأَنَّ الْعُرْسَ حِينَ الْبِنَاءِ وَهَذَا الَّذِي لَزِمَ إتْيَانُهُ لِمَا فِي الْوَلِيمَةِ مِنْ إشْهَارِهِ وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ الْوَلِيمَةُ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تُؤْتَى وَلِيمَةُ النِّكَاحِ وَمَا سَمِعْت أَنَّهُ يَجِبُ أَنْ تُؤْتَى غَيْرُهَا مِنْ الْأَصْنِعَةِ وَأَرَى أَنْ تُجَابَ الدَّعْوَةُ إلَّا مِنْ عُذْرٍ وَبِهَذَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ إجَابَةُ وَلِيمَةِ الْعُرْسِ وَاجِبَةٌ وَلَا أُرَخِّصُ فِي تَرْكِ غَيْرِهَا مِنْ الدَّعَوَاتِ الَّتِي لَا يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ وَلِيمَةٍ كَالْإِمْلَاكِ وَالنِّفَاسِ وَالْخِتَانِ وَحَادِثِ سُرُورٍ وَمَنْ تَرَكَهَا لَمْ يُقَلْ لَهُ إنَّهُ عَاصٍ وَهَذَا خِلَافٌ فِي عِبَارَةٍ وَوَجْهُ وُجُوبِهَا الْأَمْرُ بِذَلِكَ وَالْأَمْرُ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَمِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الشَّهَادَةِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِهَا الْإِعْلَانُ لِلنِّكَاحِ وَالْإِثْبَاتُ لِحُكْمِهِ هَذَا الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ حَتْمًا وَلَيْسَ بِفَرِيضَةٍ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَأْتِيَ فَإِنْ اشْتَغَلَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ لِحَمْلِهِ عَلَى النَّدْبِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ عَلَى وَجْهٍ وَاجِبٌ وَعَلَى وَجْهٍ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
1 -
(مَسْأَلَةٌ) :
وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ يُرِيدُ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ وَهَذَا عِنْدِي إنَّمَا يُرِيدُ الطَّعَامَ الَّذِي يُصْنَعُ لِغَيْرِ سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الَّتِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِاِتِّخَاذِ الطَّعَامِ لَهَا فَعَلَى هَذَا الطَّعَامُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ: طَعَامُ الْعُرْسِ وَهُوَ الَّذِي يَجِبُ إتْيَانُهُ وَالضَّرْبُ الثَّانِي طَعَامٌ لَهُ سَبَبٌ مُعْتَادٌ كَالطَّعَامِ لِلْمَوْلُودِ وَالْخِتَانِ وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَا مَكْرُوهٍ وَيَقْتَضِي عَلَى تَفْسِيرِ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعِنْدِي أَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا رَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قِيلَ لَهُ النَّصْرَانِيُّ يَتَّخِذُ طَعَامًا لِخِتَانِ ابْنِهِ أَفَيُجِيبُهُ قَالَ إنْ شَاءَ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ فَهَذَا فِي النَّصْرَانِيِّ قَدْ أَبَاحَهُ فَكَيْفَ بِالْمُسْلِمِ وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ الطَّعَامُ الَّذِي لَا سَبَبَ لَهُ فَهَذَا الَّذِي يُسْتَحَبُّ لِأَهْلِ الْفَضْلِ التَّرَفُّعُ عَنْ الْإِجَابَةِ إلَيْهِ وَيُكْرَهُ التَّسَرُّعُ إلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ عَلَى وَجْهِ التَّفَضُّلِ عَلَى مَنْ يُدْعَى إلَيْهِ.
(ش) : قَوْلُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُرِيدُ أَنَّهُ طَعَامٌ مَخْصُوصٌ بِقَصْدٍ مَذْمُومٍ يَقِلُّ مَعَهُ الْأَجْرُ عَلَى كَثْرَةِ مَا فِيهِ مِنْ الْإِنْفَاقِ وَذَلِكَ أَنَّهُ إنَّمَا يُصْنَعُ لِيُدْعَى لَهُ