(ص) : (قَالَ ابْنُ شِهَابُ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً هَاجَرَتْ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَزَوْجُهَا كَافِرٌ مُقِيمٌ بِدَارِ الْكُفْرِ إلَّا فَرَّقَتْ هِجْرَتُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إلَّا أَنْ يَقْدُمَ زَوْجُهَا مُهَاجِرًا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَالْوَثَنِيِّينَ وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَأَهْلُ الْأَمْصَارِ خِلَافًا لِأَهْلِ الْكُوفَةِ فِي قَوْلِهِمْ هَذَا حُكْمُ الْحَرْبِيِّينَ دُونَ الْوَثَنِيِّينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ مِنْهُمْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ الزَّوْجِ عُرِضَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَسْلَمَ فِي الْوَقْتِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ عُجِّلَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا نَقُولُهُ أَنَّ هَذَا كُفْرٌ يَمْنَعُ اسْتِدَامَةَ النِّكَاحِ فَكَانَ حُكْمُهُ مَوْقُوفًا عَلَى إسْلَامِ الزَّوْجِ كَكُفْرِ الْكِتَابِيِّينَ الْحَرْبِيِّينَ.
(فَرْعٌ) وَهَلْ تَكُونُ هَذِهِ الْفُرْقَةُ طَلَاقًا أَوْ فَسْخًا قَالَ عِيسَى بْنُ دِينَارٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ هِيَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ لَيْسَ ذَلِكَ بِطَلَاقٍ وَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا فُرْقَةٌ وَاقِعَةٌ بِاخْتِيَارِ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ كَالطَّلَاقِ الْمُبْتَدَا وَوَجْهُ قَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ فُرْقَةٌ وَاقِعَةٌ بِالشَّرْعِ مِنْ غَيْرِ مُوقِعٍ فَكَانَتْ فَسْخًا كَالْفُرْقَةِ الْوَاقِعَةِ بِمِلْكِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ وَهَذَا إذَا قُلْنَا إنَّ الْفُرْقَةَ الْوَاقِعَةَ بِالرِّدَّةِ فَسْخٌ وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ أَبِي أُوَيْسٍ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ فَعَلَى هَذَا الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا أَنَّ فُرْقَةَ الْمُرْتَدَّةِ مِنْ نِكَاحٍ صَحَّحَهُ الْإِسْلَامُ وَالْفُرْقَةُ الْوَاقِعَةُ بِإِسْلَامِ زَوْجَةِ الْكَافِرِ فُرْقَةٌ مِنْ نِكَاحٍ لَمْ يُصَحِّحْهُ إسْلَامٌ.
1 -
(فَرْعٌ) وَهَلْ عَلَى الْكَافِرِ الَّذِي أَسْلَمَتْ زَوْجَتُهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا فِي الْعِدَّةِ رَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا نَفَقَةَ لَهَا رَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَهَا النَّفَقَةُ وَفِي رِوَايَةِ عِيسَى مَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ أَنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ وَوَجْهُ رِوَايَةِ أَصْبَغَ أَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ مِنْهُ يَمْلِكُ اسْتِبَاحَةَ وَطْئِهَا كَالْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ.
(ش) : قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ امْرَأَةً هَاجَرَتْ إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ إلَّا فَرَّقَتْ هِجْرَتُهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا إلَّا أَنْ يَقْدُمَ قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا يُرِيدُ مَعَ إسْلَامِهَا وَبَقَائِهِ عَلَى الْكُفْرِ وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَا جَمِيعًا وَهَاجَرَتْ هِيَ دُونَهُ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ فِي وَقْتِنَا هَذَا لَمَا خَرَجَتْ عَنْ عِصْمَتِهِ وَأَمَّا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَقَدْ كَانَ لِلْهِجْرَةِ أَحْكَامٌ مَخْصُوصَةٌ غَيْرَ أَنَّ الظَّاهِرَ مَا قُلْنَاهُ وَقَدْ شَرَطَ أَنْ يَقْدُمَ زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا وَمَعْنَى ذَلِكَ أَنْ يَقْدُمَ مُسْلِمًا وَلَوْ قَدِمَ كَافِرًا لَبَانَتْ مِنْهُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ إنْ لَمْ يُسْلِمْ فِيهَا.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ ابْنَتَهُ زَيْنَبَ عَلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَلَمْ يُحْدِثْ شَيْئًا» وَاخْتَلَفَ عَنْهُ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ وَالرَّازِيُّ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْهُ بَعْدَ سِتِّ سِنِينَ.
وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْهُ بَعْدَ سَنَتَيْنِ وَرِوَايَةُ عَلِيٍّ حَسْبَمَا قَدْ عُلِمَ مِنْ الضَّعْفِ وَالِاضْطِرَابِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَدَّ زَيْنَبَ ابْنَتَهُ إلَى أَبِي الْعَاصِ بْنِ الرَّبِيعِ بِنِكَاحٍ جَدِيدٍ» .
وَقَدْ رُوِيَ هَذَا عَنْ غَيْرِهِ وَهَذَا أَشْبَهُ وَأَقْرَبُ وَلَوْ ثَبَتَ مَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ رَدَّهَا عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ الْأَوَّلِ لَاحْتَمَلَ أَنْ يُرِدْ بِهِ عَلَى مِثْلِ الصَّدَاقِ الْأَوَّلِ. وَقَالَ الزُّهْرِيُّ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ الْفَرَائِضُ
وَقَالَ قَتَادَةُ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ سُورَةُ بَرَاءَةٍ بِقَطْعِ الْعُهُودِ بَيْنَ الْمُشْرِكِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ اسْتَكْمَلَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهَا مَنْسُوخًا وَثَبَتَ النَّسْخُ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهَا إذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بَانَتْ مِنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(ص) : (مَالِكٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ «أُمَّ حَكِيمٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَكَانَتْ تَحْتَ عِكْرِمَةَ بْنِ أَبِي جَهْلٍ فَأَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ وَهَرَبَ زَوْجُهَا عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ مِنْ الْإِسْلَامِ حَتَّى قَدِمَ الْيَمَنَ فَارْتَحَلَتْ أُمُّ حَكِيمٍ حَتَّى قَدِمَتْ عَلَيْهِ بِالْيَمَنِ فَدَعَتْهُ إلَى الْإِسْلَامِ فَأَسْلَمَ وَقَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفَتْحِ فَلَمَّا رَآهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَثَبَ إلَيْهِ فَرِحًا وَمَا عَلَيْهِ رِدَاءٌ حَتَّى بَايَعَهُ فَثَبَتَا عَلَى نِكَاحِهِمَا ذَلِكَ» ) .
(ش) : قَوْلُهُ إنَّ أُمَّ حَكِيمٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَسْلَمَتْ يَوْمَ الْفَتْحِ وَهَرَبَ زَوْجُهَا عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ عَنْ الْإِسْلَامِ إصْرَارًا مِنْهُ عَلَى الْكُفْرِ وَزَوَالِهِ