شهد بدرا وأحدا وقتل يومئذ، قتله صفوان بن أمية
شهد بدرا وأحدا وقتل يومئذ
أنبأنا أبو بكر بن أبي طاهر، قال: أنبأنا البرمكي، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْن حيوية، قَالَ:
أَخْبَرَنَا ابْنُ مَعْرُوفٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْفَهْمِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، قَالَ: أَقْبَلَ وَهْبُ بْنُ قَابُوسٍ وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ بْنُ عُقْبَةَ بِغَنَمٍ لَهُمَا مِنْ جَبَلِ مُزَيْنَةَ، فَوَجَدَا الْمَدِينَةَ خَالِيَةً، فَسَأَلا: أَيْنَ النَّاسُ؟ فَقَالُوا: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقَاتِلُ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالا: لا نَسْأَلُ أَثَرًا بَعْدَ عَيْنٍ، فَأَسْلَمَا، ثُمَّ خَرَجَا فَأَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأُحُدٍ، فَإِذَا الدُّولَةُ لِلْمُسْلِمِينَ، فَأَغَارَا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي النَّهْبِ، وَقَاتَلا أَشَدَّ الْقِتَالِ. وَكَاَنَتْ قَدِ افْتَرَقَتْ فِرْقَةٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لِهَذِهِ الْفِرْقَةِ؟» فَقَالَ وَهْبٌ: أنا، فَرَمَاهُمْ بِالنِّبْلِ حَتَّى انْصَرَفُوا، ثُمَّ رَجَعَ فَانْفَرَقَتْ أُخْرَى، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ لِهَذِهِ؟» فَقَالَ الْمُزَنِيُّ: أنا، [فَذَبَّهَا بِالسَّيْفِ حَتَّى وَلَّوْا وَرَجَعَ الْمُزَنِيُّ، ثُمَّ طَلَعَتْ كَتِيبَةٌ أُخْرَى، فَقَالَ: «مَنْ يَقُومُ لَهَا؟» ، فَقَالَ الْمُزَنِيُّ: أنا] [3] ، فَقَالَ: «قُمْ وَأَبْشِرْ بِالْجَنَّةِ» ، فَقَامَ الْمُزَنِيُّ مَسْرُورًا يَقُولُ:
وَاللَّهِ لا أَقِيلُ وَلا أَسْتَقِيلُ، فَجَعَلَ يَدْخُلُ فِيهِمْ فَيَضْرِبُ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ أَقْصَاهُمْ حَتَّى قَتَلُوهُ وَمَثَّلُوا بِهِ، ثُمَّ قَامَ ابْنُ أَخِيهِ الْحَارِثُ فَقَاتَلَ نَحْوَ قِتَالِهِ حَتَّى قُتِلَ، فَوَقَفَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلْيَهِ وَسَلَّمَ وَهُمَا مَقْتُولانِ فَقَالَ: «رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ فَإِنِّي عَنْكَ رَاضٍ» . ثُمَّ قَامَ عَلَى قَدَمَيْهِ وَقَدْ نَالَ مَا نَالَ مِنَ الْجِرَاحِ، فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى وُضِعَ الْمُزَنِيُّ فِي لَحْدِهِ. وَكَانَ عُمَرُ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ يَقُولانِ: مَا حَاٌل نَمُوتُ عَلَيْهَا أَحَبُّ إِلَيْنَا مِنْ أَنْ نَلْقَى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى حَالِ الْمُزَنِيِّ.