فصل

قَالَ مؤلف الكتاب [1] : ولما خرج المسلمون إِلَى الحبشة ومنع اللَّه تعالى نبيه عَلَيْهِ السلام بعمه أبي طالب، ورأت قريش أن لا سبيل لهم عَلَيْهِ رموه بالسحر والكهانة والجنون، وَقَالُوا: شاعر، ثم بالغوا فِي أذاه.

فمما فعلوه:

ما روى عَبْد اللَّه بْن عمرو بْن العاص قَالَ: حضرت قريشا وقد اجتمع أشرافهم يوما فِي الحجر، فذكروا رسول اللَّه [صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم] فقالوا: ما رأينا مثل ما صرنا إليه من هَذَا الرجل، قد سفه أحلامنا، وشتم آباءنا وعاب آلهتنا- وقيل: ديننا [2]- وفرق جماعتنا وسب آلهتنا، لقد صبرنا منه عَلَى أمر عظيم، فبينما هم كذلك إذ طلع رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأقبل يمشي حَتَّى استلم الركن، ثُمَّ مر طائفا بالبيت، فلما مر غمزوه ببعض القول، قَالَ فعرفت ذلك فِي وجه رسول الله [3] ، ثم مضى فلما مر بهم الثانية غمزوه [بمثلها] [4] فعرفت ذلك فِي وجه رسول اللَّه [5] ، ثم مر بهم الثالثة فغمزوه/ بمثلها فوقف [6] فَقَالَ:

«ألا تسمعون يا معاشر قريش، أما والذي نفس مُحَمَّد بيده لقد جئتكم بالذبح» .

قَالَ: فأخذت القوم كلمته حَتَّى ما بينهم [7] رجل إلا كأنما عَلَى رأسه طائر واقع، وحتى أن أشدهم فيه وصاة [8] قبل ذلك ليلقاه بأحسن ما كان يجد من القول حَتَّى أنه ليقول: انصرف يا أبا القاسم راشدا، فو الله ما كنت جهولا.

فانصرف رسول الله حَتَّى إذا كان من الغد اجتمعوا [فِي الحجر] [9] وأنا معهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015