سنة- وَكَانُوا يَضَعُونَ أُزُرَهُمْ عَلَى [1] عَوَاتِقِهِمْ، وَيَحْمِلُونَ الْحِجَارَةَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلُبِطَ بِهِ وَنُودِيَ: عَوْرَتُكَ فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلُ مَا نُودِيَ. فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ: يَا ابْنَ أَخِي، اجْعَلْ إِزَارَكَ عَلَى رَأْسِكَ، قَالَ: مَا أَصَابَنِي مَا أَصَابَنِي إِلا فِي تَعَدِّيِّ، فَمَا رُئِيَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَوْرَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَجْمَعُوا عَلَى هَدْمِهَا قَالَ بَعْضُهُمْ: لا تُدْخِلُوا فِي بِنَائِهَا مِنْ كَسْبِكُمْ إِلا طَيِّبًا مَا لَمْ تَقْطَعُوا فيه رَحِمًا، وَلَمْ تَظْلِمُوا فِيهِ أَحَدًا، فَبَدَأَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةَ بِهَدْمِهَا، فَأَخَذَ الْمِعْوَلَ، ثُمَّ قَامَ عليها يطرح الحجارة وهو يقول: اللَّهمّ اللَّهمّ لا تُرَعْ إِنَّمَا نُرِيدُ الْخَيْرَ، فَهَدَمَ وَهَدَمَتْ مَعَهُ قُرَيْشٌ، ثُمَّ أَخَذُوا فِي بِنَائِهَا وَمَيَّزُوا الْبَيْتَ وَاقْتَرَعُوا عَلَيْهِ، فَوَقَعَ لِعَبْدِ مَنَافٍ وزهرة ما بين الركن الأَسْوَدِ إِلَى رُكْنِ [2] الْحَجَرِ وَجْهُ الْبَيْتِ، وَوَقَعَ لِبَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى وَبَنِي عَبْدِ الدَّارِ مَا بَيْنَ رُكْنِ الْحَجَرِ إِلَى [رُكْنِ الْحَجَرِ الآخَرِ، وَوَقَعَ لِتَيْمٍ وَمَخْزُومٍ مَا بَيْنَ ركن الحجر إلى الركن] [3] الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ. وَوَقَعَ لِسَهْمٍ وَجُمَحٍ وَعَدِيٍّ وَعَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ مَا بَيْنَ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ إِلَى الرُّكْنِ [4] الأَسْوَدِ فَبَنَوْا، وَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى حَيْثُ يُوضَعُ الرُّكْنُ مِنَ الْبَيْتِ. قَالَتْ كُلُّ قَبِيلَةٍ: نَحْنُ أَحَقُّ بِوَضْعِهِ، فَاخْتَلَفُوا حَتَّى خَافُوا الْقِتَالَ، ثُمَّ جَعَلُوا بَيْنَهُمْ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ، فَيَكُونُ هُوَ الَّذِي يَضَعُهُ قَالُوا:
رَضِينَا وَسَلَّمْنَا [5] . فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَنْ دَخَلَ مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ [6] ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالُوا: هَذَا هُوَ [7] الأَمِينُ قَدْ رَضِينَا بِمَا قَضَى [بَيْنَنَا] [8] ، ثم أخبروه، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم رِدَاءَهُ وَبَسَطَهُ فِي الأَرْضِ، ثُمَّ وَضَعَ الرُّكْنَ فِيهِ، ثُمَّ قَالَ: لِيَأْتِ مِنْ كُلِّ رُبُعٍ مِنْ أَرْبَاعِ قُرَيْشٍ رَجُلٌ، وَكَانَ فِي رُبُعِ عَبْدِ مَنَافٍ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَكَانَ فِي الربع الثاني: أبو زمعة، وكان من الرُّبُعُ الثَّالِثُ: أَبُو حُذَيْفَةَ [بْنُ الْمُغِيرَةِ] [9] ، وَكَانَ في الربع الرابع: قيس بن