لم تنته جرهم عَنْ بغيها، وتفرق أولاد عمرو بْن عامر عَنِ اليمن، فانخزع بنو حارثة بْن عَمْرو قاطنو تهامة، فسميت خزاعة، لأنهم انخزعوا، وبعث اللَّه عز وجل [1] عَلَى جرهم الرعاف والنمل، فأفناهم، فاجتمعت خزاعة ليجلوا من بقي، ورئيسهم يومئذ عمرو بْن ربيعة بْن حارثة، وأمه فهيرة بنت عامر بْن الحارث [بْن مضاض] [2] ، فاقتتلوا، فلما أحس عامر بالهزيمة خرج بغزالي الكعبة وحجر الركن [3] ، وجعل يلتمس التوبة، فلم تقبل توبته، فألقى غزالي الكعبة وحجر الركن فِي زمزم، وخرج من بقي من جرهم إِلَى أرض الحبشة [4] . فجاءهم سيل فذهب بهم [5] .
وولي البيت عمرو بْن ربيعة.
وقيل: بل وليه عمرو بْن الحارث الغساني.
فَقَالَ عمرو بْن الحارث فِي ذلك:
كأن لم يكن بين الحجون إِلَى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر
بلى نحن كنا أهلها فأزالنا ... صروف الليالي والجدود العواثر
[6] وَقَالَ عمرو أيضا:
يا أيها الناس سيروا إن قصركم ... أن تصبحوا ذات يوم لا تسيرونا
[حثوا المطي وأرخوا من أزمتها ... قبل الممات وقضوا ما تقضونا] [7]
كنا أناسا كما كنتم فغيرنا ... دهر فأنتم كما كنا تكونونا
[8] .
وكان يقول: اعملوا لآخرتكم، وأفرغوا من حوائجكم فِي الدنيا.
فوليت خزاعة البيت، غير أنه كان فِي قبائل مضر ثلاث خلال: الإجارة بالحج