وبذلوا الأموال، فأرسلتني دسيسا إلى محمد صلى الله عليه وسلم بَعْدَ أَنْ رَجَعَ مِنَ الشَّامِ، فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ، مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَزَوَّجَ؟ قَالَ: مَا بِيَدِي مَا أَتَزَوَّجُ بِهِ. قُلْتُ: فَإِنْ كُفِيتَ ذَلِكَ وَدُعِيتَ إِلَى الْجَمَالِ وَالْمَالِ وَالشَّرَفِ وَالْكَفَاءَةِ أَلا تُجِيبَ؟ قَالَ: فَمَنْ هِيَ؟ قُلْتُ: خَدِيجَةَ. قَالَ:

وَكَيْفَ لِي بِذَلِكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: عَلَيَّ قَالَ: افْعَلْ، فَذَهَبْتُ فَأَخْبَرْتُهَا فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ أَنِ ائْتِ السَّاعَةَ كَذَا وَكَذَا. فَأَرْسَلَتْ إِلَى عَمِّهَا عَمْرِو بْنِ أَسَدٍ لِيُزَوِّجَهَا. فَحَضَرَ وَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عُمُومَتِهِ، فتزوّجها وهو ابن خمس وعشرين سنة، وخديجة يومئذ بِنْتُ أَرْبَعِينَ سَنَةً [1] . وَقَدِ روى قوم [2] : أن خديجة سقت أباها الخمر فلما صحا ندم.

قَالَ الواقدي: هَذَا غلط والصحيح عندنا المحفوظ عند أهل العلم [3] أن عمها زوجها، وأن أباها مات قبل الفجار.

وذكر ابن فارس: أن أبا طالب خطب يومئذ فَقَالَ:

الحمد للَّه الذي جعلنا من ذرية إِبْرَاهِيم، وزرع إسماعيل، وضئضئ [4] معد، وعنصر مضر، وجعلنا حضنة [5] بيته، وسواس حرمه، وجعل لنا بيتا محجوبا، وحرما آمنا، وجعلنا الحكام عَلَى الناس. ثم إن ابن أخي هَذَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه لا يوزن به رجل إلا رجح به، وإن كان فِي المال قل فإن المال ظل [6] زائل، وأمر حائل، ومُحَمَّد من قد عرفتم قرابته، وقد خطب خديجة بنت خويلد، وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالي، وهو والله بعد هَذَا له نبأ عظيم، وخطر جليل.

فتزوجها رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم، وكانت خديجة [7] قد ذكرت أول ما ذكرت للأزواج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015