فَقَالَ النبي صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم: «يرحم اللَّه قسا، إني لأرجو أن يبعثه اللَّه يوم القيامة أمة وحده» .

فَقَالَ رجل: يا رسول اللَّه، لقد رأيت من قس عجبا قَالَ: «وما رأيت؟» قَالَ: بينا أنا بجبل يقال لَهُ سمعان فِي يوم شديد الحر، إذا أنا بقس تحت ظل شجرة عندها [1] عين ماء وحوله سباع، كلما زأر سبع منها عَلَى صاحبه ضربه بيده وَقَالَ: كف حَتَّى يشرب الذي ورد قبلك. ففرقت، فَقَالَ: لا تخف، وإذا بقبرين بينهما مسجد، فقلت له: ما هذان القبران؟ فَقَالَ: هذان قبرا أخوين كانا لي، فاتخذت بينهما مسجدا أعَبْد اللَّه فيه [2] حَتَّى ألحق بهما، ثم ذكر أيامهما ثم أنشأ يقول:

[خليلي هبا طالما قد رقدتما ... أجدكما لا تقضيان كراكما] [3]

جرى النوم بين الجلد والعظم منكما ... كأن الذي يسقي العقار سقاكما [4]

ألم تريا أني بسمعان مفرد ... وما لي فيه من خليل سواكما

أقيم عَلَى قبريكما لست بارحا ... طوال الليالي أو يجيب صداكما

كأنكما والموت أقرب غاية ... بجسمي من قبريكما قد أتاكما

فلو جعلت نفس لنفس وقاية ... لجدت بنفسي أن تكون فداكما

[سأبكيكما طول الحياة وما الذي ... يرد عَلَى ذي عولة إن بكاكما]

[5] فَقَالَ النبي صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم: «رحم الله قسا» [6]

طور بواسطة نورين ميديا © 2015