الأنبياء، وغير ذلك من أمور الأمم الماضية، وأحوال القيامة ومقدماتها مما سيأتي. أو دونها: كبناء جامع، أو مدرسة، أو قنطرة، أو رصيف، أو نحوها، مما يعم الانتفاع به مما هو شائع ومشاهد، أو خفي: سماوي: كجراد وكسوف وخسوف، أو أرضي: كزلزلة وحريق وسيل وطوفان وقحط وطاعون وموتان وغيرها من الآيات العظام والعجائب الجسام.
والحاصل أنه فن يبحث فيه عن وقائع من حيثية التعيين والتوقيت، بل عما كان في العالم.
قال ابن الجوزي في مقدمة هذا الكتاب [1] : وللسير والتواريخ فوائد كثيرة أهمها فائدتان:
إحداهما: أَنَّهُ إِن ذكرت سيرة حازم ووصفت عاقبة حاله، أفادت حسن التدبير واستعمال الحرم، أو سيرة مفرط ووصفت عاقبته أفادت الخوف من التفريط، فيتأدب المتسلط، ويعتبر المتذكر، ويتضمن ذَلِكَ شحذ صوارم العقول، ويكون روضة للمتنزه فِي المنقول.
وَالثَّانِيَة: أَن يطلع بِذَلِكَ عَلَى عجائب الأمور وتقلبات الزمن وتصاريف القدر، وسماع الأخبار.
وقال المسعودي [2] : إنه علم يستمتع به العالم والجاهل، ويستعذب موقعه الأحمق والعاقل، فكل غريبة منه تعرف، وكل أعجوبة منه تستظرف، ومكارم الأخلاق ومعاليها منه تقتبس، وآداب سياسة الملوك وغيرها منه تلتمس، يجمع لك الأول والآخر، والناقص والوافر، والبادي والحاضر، والموجود والغابر، وعليه مدار كثير من الأحكام، وبه يتزين في كل محفل ومقام، وإنه حمله على التصنيف فيه وفي أخبار العالم محبة احتذاء المشاكلة التي قصدها العلماء وقفاها الحكماء، وأن يبقى في العالم ذكرا محمودا، وعلما منظوما عتيدا.