وفي يوم الجمعة تاسع عشر ربيع الأول: خطب لولي العهد أبي منصور الفضل ابن المستظهر باللَّه، ولقب عمدة الدين.
وفي ثامن عشر ربيع الآخر: خرج الوزير عميد الدولة أبو منصور فخط السور على الحريم وقدره ومعه المساح، وتقدم بجبايات المال الذي يحتاج إليه عقارات الناس ودورهم، وأذن للعوام في الفرجة والعمل، وحمل أهل المحال السلاح والأعلام والبوقات والطبول، ومعهم المعاول والسبسلات وأنواع الملاهي من الزمور والحكايات والخيالات، فعمل أهل [باب] [1] المراتب من البواري المقيرة [2] على صورة الفيل وتحته قوم يسيرون [3] به، وعملوا زرافة كذلك، وأتى أهل قصر عيسى 8/ أبسميرة/ كبيرة [4] فيها الملاحون يجدفون وهي تجري على هاذور، وأتى أهل سوق يحيى بناعورة تدور معهم في الأسواق، وعمل أهل سوق المدرسة قلعة خشب تسير على عجل، وفيها غلمان يضربون بقسي البندق والنشاب، وأخرج قوم بئرا على عجل وفيها حائك ينسج، وكذلك السقلاطونيون، وكذلك الخبازون، جاءوا بتنور وتحته ما يسير به والخباز يخبز ويرمي الخبز إلى الناس.
وكتب أبو الوفاء بن عقيل إلى الوزير ابن جهير إِحراق العوام بالشريعة في بناء السور، فكان فيه مما نقلته من خطه: لولا اعتقادي صحة البعث، وأن لنا دارا أخرى لعلى أكون فيها على حال أحمدها لما بغضت نفسي [5] إلى مالك عصري، وعلى الله أعتمد في جميع ما أورده بعد أن أشهده أني محب متعصب، لكن إذا تقابل دين محمد ودين بني جهير فو الله ما أزن هذه بهذه، ولو كنت كذلك كافرا، فأقول: ان كان هذا الخرق الذي جرى بالشريعة عن عمد لمناصبة واضعها فما بالنا نعتقد الختمات ورواية الأحاديث، وإذا نزلت بنا الحوادث تقدمنا مجموع الختمات والدعاء عقيبها ثم بعد ذلك