وتزوج امرأة فاستطالت ليلتها معه، فَقَالَ: ما تكرهين مني؟ فقالت: إنك ثقيل الصدر، سريع الإراقة، بطيء الإفاقة، ريحك ريح كلب. فطلقها.
وَقَالَ مؤلف الكتاب [1] : وقد روينا أن قوما من اليمن أقبلوا يريدون رسول اللَّه صلى اللَّه عَلَيْهِ وسلم فضلوا الطريق، وأعوزهم الماء، فإذا ركب عَلَى بعير، فأنشد بعضهم يقول:
ولما رأت أن الشريعة قصدها [2] ... وأن البياض من فَرَائِضِهَا دَامِي
تَيَمَّمَتِ الْعَيْنَ الَّتِي عِنْدَ ضَارِجٍ ... يفيء عليها الظل عرمضها طامي
فقال الراكب: من يقول هَذَا؟ فقالوا: امرؤ القيس. قَالَ: ما كذب والله هَذَا ضارج عندكم. فمشوا، فإذا ماء عذب [3] عَلَيْهِ العرمض، فشربوا ولولا ذلك لهلكوا.
ولما وردوا أخبروا رسول اللَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وَقَالُوا: أحيانا اللَّه ببيتين من شعر امرئ القيس.
فَقَالَ: «ذاك الرجل مشهور فِي الدنيا خامل فِي الآخرة، مذكور فِي الدنيا منسي فِي الآخرة، معه لواء الشعراء يقودهم إِلَى النار» [4] .
أَخْبَرَنَا ابْنُ الحصين قال: أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْن أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قال: حدثني أبي قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْجَهْمِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «امْرُؤُ الْقَيْسِ صَاحِبُ لِوَاءِ الشُّعَرَاءِ إِلَى النَّارِ» [5] .
قَالَ مؤلف الكتاب: واعلموا أن أوائل الشعر لم تكن إلا الأبيات اليسيرة يقولها الرجل عِنْدَ حدوث الحاجة له، فأول من ابتدع المعاني العجيبة والنسيب الدقيق، مع