وفي جمادى الآخرة: ورد كتاب من تجار ما وراء النهر [1] قد وقع في هذه الديار وباء عظيم مسرف زائد عن الحد، حتى أنه خرج من هذا الإقليم في يوم وأحد ثمانية عشر ألف جنازة، وأحصى من مات إلى أن كتب هذا الكتاب فكانوا ألف ألف وستمائة ألف وخمسين ألفا، والناس يمرون في هذه البلاد فلا يرون إلا أسواقا فارغة، وطرقات خالية، وأبوابا مغلقة، حتى إن البقر نفقت.
وجاء الخبر من آذربيجان وتلك الأعمال بالوباء العظيم، وأنه لم يسلم إلا العدد القليل.
ووقع وباء بالأهواز وأعمالها وبواسط، وبالنيل، ومطيرآباذ، والكوفة، وطبق الأرض حتى كان يخد للعشرين والثلاثين [2] زبية فيلقون فيها، وكان أكثر سبب ذلك الجوع، وكان الفقراء يشوون الكلاب، وينبشون القبور فيشوون الموتى ويأكلونهم [3] ، وكان لرجل جريبان أرضًا دفع إليه في ثمنها عشرة دنانير فلم يبعها، فباعها حينئذ بخمسة أرطال خبز، وأكلها ومات من وقته. وطويت التجارات، وأمور الدنيا، وليس للناس شغل في الليل والنهار إلا غسل الأموات والتجهيز [4] والدفن، وكان الإنسان قاعدًا فينشق قلبه عن دم المهجة فيخرج إلى الفم منه قطرة فيموت الإنسان.
وتاب الناس كلهم، وتصدقوا بمعظم أموالهم، وأراقوا الخمور، وكسروا المعازف، ولزموا المساجد لقراءة القرآن [خصوصا العمال والظلمة] [5] ، / وكل دار 9/ ب فيها خمر يموت أهلها في ليلة واحدة. ووجدوا دارا فيها ثمانية عشر نفسا موتى، ففتشوا متاعهم فوجدوا خابية خمر، فأراقوها. ودخلوا على مريض طال نزعه سبعة أيام [6] ، فأشار بإصبعه إلى خابية خمر فقلبوها وخلصه الله [تعالى] [7] من السكرة، فقضى، وقبل