فَقَالَ لها: أنزل. قالت: انزل [1] . فنزل فدخل الكوخ، وأدخل فرسه، فأقبل الليل، فإذا ابنة العجوز قد جاءت معها بقرة قد رعتها/ بالنهار، فأدخلتها الكوخ، وكسرى ينظر إليها [2] ، فقامت العجوز إِلَى البقرة [ومعها] [3] إناء فاحتلبت [البقرة لبنا] [4] صالحا وكسرى ينظر فَقَالَ فِي نفسه: ينبغي أن تجعل عَلَى كل بقرة إتاوة- يعني خراجا- فهذا حلاب كبير [5] . وأقام مكانه حتى مضى أكثر الليل فقالت العجوز: يا فلانة، قومي إِلَى فلانة- تريد البقرة- فاحتلبيها [6] . فقامت إِلَى البقرة فوجدتها حائل لا لبن فيها، فنادت:
يا أماه، قد والله أضمر لنا الملك شرا. فقالت: وما ذاك؟ قالت: هَذِهِ فلانة حائل تبيس بقطرة. فقالت لها: امكثي فإن عليك ليلا. فقال كسرى في نفسه: من أين علمت ما أضمرت فِي نفسي، أما إني لا أفعل ذلك. قَالَ: فمكثت، ثم نادتها: يا بنية، قومي إِلَى فلانة فاحتلبيها [7] . فقامت إليها فوجدتها حافل. فقالت: يا أماه، قد والله ذهب ما كان فِي نفس الملك من الشر، هَذِهِ فلانة حافل. فاحتلبتها، وأقبل الصبح وتتبع الرجال أثر كسرى حَتَّى أتوه بركب [8] ، فأمر بحمل العجوز وابنتها إليه، فأحسن إليهما، وَقَالَ: كيف علمت أن الملك قد أضمر شرا، وأن الشر الذي أضمره قد [9] رجع فيه؟ قالت [العجوز] [10] : إنا بهذا المكان منذ كذا وكذا، ما عمل فينا بعدل إلا أخصب بلدنا، واتسع عيشنا، وما أمر فينا بجور [11] إلا ضاق عيشنا، وانقطعت موادنا [12] والنفع عنا.