يرها فعاد، فَقَالَ: لم أرها. فَقَالَ: ويحك، هي تلك. وأشار إليها فأبصرها الغلام فِي حضرته، فلما انتهى إليها [1] لم يرها. فقام أنوشروان بنفسه، ومشى إِلَى البستان، فحين مد يده ليقطعها [2] وقع الإيوان، فنظر إِلَى شَيْء من لطف اللَّه عز وجل فعجب وسر [3] سرورا شديدا، وتصدق بمال جزيل [4] ، ثم أعاد بناء الإيوان أفضل من بنائه الأول، وهذا هو الإيوان الموجود اليوم.

فلما فرغ منه رفع رأسه يوما [5] فرأى حمامة وحشية فوق المشرف، وإذا حية عظيمة قد دنت إلى [6] الحمامة لتثب عليها وتبتلعها، فرمى الحية بقوس البندق، فسقطت إِلَى الأرض وطارت الحمامة سليمة، فسر بإحسانه إِلَى الحمام [7] ، ثم جاءت الحمامة بعد خمسة أيام فقعدت على تلك الشرفة، فلما رآها أنوشروان أخذت ترمي حبا لا يدرون ما هو، فأخذه فزرعه في بستان داره فنبت نباتا طيب [8] الريح، فَقَالَ: نعم ما كافأتنا الحمامة به حين نجيناها من الهلاك فبحق قيل: لن يضيع المعروف، وأنا أسأل [اللَّه] الذي ألهم هَذَا الطائر من شكرنا [ما ألهمه] [9] أن يلهم رعيتنا فِي ذبنا عنهم، وإخراجنا إياهم من الهلكة فِي دينهم ودنياهم إِلَى الهدى لشكرنا، / وأن يلهمنا نحن الصبر عَلَى الإحسان [10] إليهم.

ولم يزل مظفرا منصورا يهابه الأمم [11] ، يحضر بابه من وفدهم عدد كبير [12] من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015