أم صرفانا باردا شديدا ... أم الرجال فِي المسوح سودا
[1] ثم أقبلت عَلَى جواريها وَقَالَت: «أرى الموت الأحمر فِي الغرائر السود» - فذهبت مثلا- حتى [2] إذا توسطت الإبل المدينة وتكاملت، ألغز [3] إليهم الأمارة، فاخترطوا رءوس الغرائر، فوقع [4] إِلَى الأرض ألفا ذراع بألفي باتر ونادوا [5] : يا لثأر القتيل غدرا.
وخرجت الزباء تمضي [6] تريد النفق، فسبقها إليه قصير، فحال بينها وبينه، فلما رأت أن قد أحيط [بها] [7] وملكت التقمت خاتما فِي يدها تحت فصه سم ساعة، وَقَالَت:
«بيدي لا بيدك يا عمرو» [8] فأدركها عمرو وقصير، فضرباها بالسيف حَتَّى هلكت، وملكا مملكتها، واحتويا على مملكيها [9] ونعمتها، وخط قصير عَلَى جذيمة قبرا، وضرب عَلَيْهِ فسطاطا، وكتب عَلَى قبره يقول [10] :
ملك تمنع بالعساكر والقنا ... والمشرفية عزة ما توصف
فسعت منيته إِلَى أعدائه ... وهو المتوج والحسام المرهف
قَالَ علماء السير [11] : وصار الملك من بعد جذيمة لابن أخته عمرو بْن عدي، وهو أول من اتخذ الحيرة منزلا من ملوك العرب، وأول من مجده أهل الحيرة فِي كتبهم من ملوك العرب بالعراق، وإليه ينسبون، وهم ملوك آل نصر.
قالوا: عمرت الأنبار خمسمائة سنة وخمسين سنة، إِلَى أن عمرت الحيرة في زمن عمرو بن عديّ.