عز وجل أولا، والخوف منه، وترك التعرض لسخطه، واشف غيظك بما لا يؤثمك، فقد قيل: «ما شفى غيظه [1] من إثم» واذكر قدرة الله عليك، فانك تحتاج [2] إلى رحمته وإلى أخذه بيدك في أوقات شدائدك، فكما تحب أن يغفر لك، كذلك غيرك يحب أن تعفو عنه [3] ، واذكر أي ليلة [4] بات المذنب قلقا لخوفه منك [5] ، وما يتوقعه من عقوبتك، وأعرف مقدار ما يصل إليه من السرور بزوال الرعب عنه، ومقدار الثواب الذي يحصل لك بذلك، واذكر قوله تعالى: (أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ) 24: 22 [6] وإنما يشتد عليك ذلك مرتين أو ثلاثا، ثم تصير عادة لك [7] وخلقا [فيسهل] [8] . فابتدأ بجكم فعمل بما قال له [وعمل بواسط وقت المجاعة دار ضيافة، وببغداد مارستان ورفق بالرعية] [9] إلا أن مدته لم تطل.

أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزاز، عن أبي القاسم [10] التنوخي، عن أبيه قال:

حدثني عبد السلام بن الحارث قال: جاء رجل من الصوفية إلى بجكم فوعظه وتكلم بالفارسية والعربية حتى أبكاه بكاء شديدا، فلما ولي قال بجكم لبعض من حضره [11] :

احمل معه ألف درهم. فحملت وأقبل بجكم على من بين يديه، فقال: ما أظنه يقبلها وهذا متخرق بالعباده [12] : أيش يعمل بالدراهم؟ فما كان بأسرع من أن جاء [13] الغلام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015