صددت الكأس عنا أم عمرو ... وكان الكأس مجراها اليمينا
وما شر الثلاثة أم عمرو ... بصاحبك الذي لا تصحبينا
[1] ! فَقَالَ مالك وعقيل: من أنت يا فتى؟ فَقَالَ: أنا عمرو بْن عدي.
فنهضا إليه فضماه وغسلا رأسه، وقلما أظفاره، وأخذا من شعره وألبساه مما كان معهما من الثياب، وَقَالَا: ما كنا لنهدي لجذيمة هدية هي أنفس عنده، ولا أحب إليه من ابن أخته، وقد رده اللَّه عَلَيْهِ بنا.
فخرجا به إِلَى جذيمة بالحيرة، فسر بذلك سرورا شديدا، وأرسل به إلى أمه، فمكث عندها أياما ثم أعادته إليه، فَقَالَ: لقد رأيته يوم ذهب وعليه طوق، فما ذهب عَنْ عيني ولا قلبي إِلَى الساعة. فأعادوا عَلَيْهِ الطوق، فلما نظر إليه قَالَ: «شب [2] عمرو عَنِ الطوق» ، فأرسلها مثلا، وَقَالَ لمالك وعقيل: حكمكما، فقالا: حكمنا منادمتك ما بقينا وبقيت، فهما ندمانا جذيمة [3] اللذان ذكرا فِي أشعار العرب.
وَفِي ذلك يقول أَبُو خراش الهذلي الشاعر [4] :
لعمرك ما ملت كبيشة طلعتي ... وإن ثوائي عندها لقليل
ألم تعلمي أن قد تفرق قبلنا ... نديما صفاء مالك وعقيل
[5] وَقَالَ متمم بْن نويرة [6] :
وَكُنَّا كَنَدْمَانَيْ جَذِيمَةَ حِقْبَة ... مِنَ الدَّهْرِ حَتَّى قِيلَ لَنْ يَتَصَدَّعَا
فَلَمَّا تَفَرَّقْنَا كَأَنِّي وَمَالِكًا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
وكان ملك العرب بأرض الجزيرة [7] ومشارف بلاد الشام عمرو بن