هذه الحكاية ويتعجبون مستحسنين لهذا الفعل غافلين عما تحته من القبيح، وذلك أنه يجب على الولاة إيصال قصص المظلومين وأهل الحوائج، فإقامة من يأخذ الأجعال على هذا قبيح حرام [1] ، وهذا مما يهن به الزجاج وهنا عظيما، ولا يرتفع لأنه إن كَانَ لم يعلم ما في باطن ما قد حكاه عن نفسه فهذا جهل بمعرفة حكم الشرع، وإن كَانَ يعرف فحكايته في غاية القبح نعوذ باللَّه من قلة الفقه [2] .
أَخْبَرَنَا أَبُو مَنْصُورٍ الْقَزَّازُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ بن ثابت، أخبرنا أَبُو الجوائز الحسن بْن عَلي الكاتب، قَالَ: حدثني أَبُو الْقَاسِم عَلي بْن طلحة النحوي، قال: سمعت أبا علي الفارسيّ يقول: دخلت مع شيخنا أبي إسحاق الزجاج على الْقَاسِم بْن عُبَيْد اللَّهِ الوزير، فورد إليه خادم وساره بشيء استبشر به، ثم تقدم إلى شيخنا أبي إسحاق بالملازمة إلى أن يعود، ثم نهض فلم يكن بأسرع من أن عاد وفى وجهه أثر الوجوم، فسأله شيخنا عن ذلك لأنس [3] كَانَ بينه وبينه فَقَالَ: كانت تختلف إلينا جارية لإحدى المغنيات [4] ، فسمتها أن تبيعني إياها فامتنعت من ذلك، ثم أشار عليها أحد [5] من [كَانَ] [6] ينصحها بأن تهديها إلي رجاء أن أضاعف لها ثمنها [7] ، فلما وردت أعلمني الخادم بذلك [8] ، فنهضت مستبشرا لافتضاضها فوجدتها قد حاضت، فكان مني ما ترى، فأخذ شيخنا الدواة من يديه وكتب:
فارس ماض بحربته ... حاذق بالطعن في الظلم