غدا يا ستي، فَقَالَ الخليفة: يا ستي إن كَانَ يحتاج إلى شيء آخر أمرت به، فقالت:
هو [1] مستكف داع، ولكن قد التمس شيئا ما أستحسن خطابك فيه، قَالَ: أريد أن أشرف على أهل المملكة كلهم [2] ويرى عندي ما لم ير في العالم مثله! قَالَ: وما هو؟
قالت: يا سيدي يلتمس أن تعيره القرية، فإذا رآها الناس عنده ارتجعت، فقال: يا ستي هذا والله ظريف [3] ، يستعير خادم لنا شيئا، وتكونين أنت شفيعة فأعيره ثم ارتجعه هذا من عمل العوام لا الخلفاء، ولكن إذا كَانَ محله [4] من رأيك هذا حتى قد حملت على نفسك بخطابي فيه وتجشمت زيارتي وأنا أعلم أنه ليس من أوقات زيارتك، فقد وهبت له القرية فمري بحملها بجميع آلاتها [إليه] [5] وقد رأيت أن أشرفه بشيء آخر، قالت:
وما هو؟ قَالَ يحمل إليه غدا جميع وظائفنا ولا يطبخ لنا شيء البتة، بل يوفر عليه ويؤخذ لنا سمك [6] طري فقط، فأمرت بنقل القرية وقالت: [قولي] [7] ليوسف ما تصنع بالوظيفة؟ فَقَالَ والله ما أحتاج إلى ملح إلا وقد حصلته، فإن حملت إلي لم أنتفع بها! فخذي لي ثمنها من الوكلاء، فأخذت وَكَانَ مبلغ ذلك ألف وستمائة دينار [8] وهي وظيفة كل يوم، وقالت اقتصر الخليفة لأجلك اليوم على السمك فاشترى له سمك بثلاثمائة دينار، وكانت القرية على صفة قرية مثال البقر والغنم والجمال والجواميس والأشجار والنبات والمساحي والناس وكل ما يكون في القرى.
إمام عصره بنيسابور في معرفة الحديث والرجال والعلل، وسمع خلقا كثيرا،