فما زال يخرج أرطالا وأنا أتمزق غيظا وأذكر حديث العنب وكلام المعتضد إلى أن مضى قريب من نصف الحب فقلت له [1] : يا مولاي! هذه الغالية أطيب الغوالي وأعتقها [و] [2] ما لا يعتاض منه، فلو تركت ما بقي منها لنفسك وفرقت من غيرها كَانَ أولى، وجرت دموعي لما ذكرته من كلام المعتضد، فاستحيا مني ورفع الحب فما مضت إلا سنين من خلافته حتى فنيت تلك الغوالي واحتاج إلى عجن غالية [3] بمال عظيم.

أَخْبَرَنَا القزاز، قال: أخبرنا أحمد بن علي، قال: أَخْبَرَنَا عَلي بْن أبي البصري، قَالَ: أخبرني أبي، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القشوري [4] ، قَالَ: كنت أخدم وأنا حدث في دار نصر [بْن] [5] القشوري المرسومة بالحجبة من دار المقتدر باللَّه، فركب المقتدر [يوما] [6] على غفلة وعبر إلى البستان المعروف بالزبيدية في نفر من الخدم والغلمان، وأنا مشاهد لذلك، وتشاغل أصحاب الموائد والطباخون بحمل الآلات والطعام وتعبيتها في الجون، فأبطأت وعجل هو في طلب الطعام، فقيل له: لم يحمل بعد [7] ، فَقَالَ:

انظروا ما كَانَ! فخرج الخدم كالمتحيرين ليس يجسرون أن يعودوا فيقولوا ما جاء شيء، فسمعهم رئيس الملاحين بالطيار فَقَالَ: إن كَانَ ينشط مولانا لأكل طعام الملاحين [8] ، فمعي ما يكفيه، فمضوا [فقالوا له] [9] فَقَالَ: هاتوا ما معه، فأخرج من تحت صدر الطيار [10] جونة مليحة خيارزة لطيفة، [11] فيها جدي بارد وسكباج مبردة، وبزماورد وإدام [12] وقطعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015