الكجي، قَالَ: خرجت يوما سحرا فغرني القمر، وَكَانَ يوما باردا فإذا الحمام قد فتح، فقلت أدخل إلى الحمام قبل مضيي في حاجتي، فدخلت، فقلت للحمامي: يا حمامي أدخل حمامك أحد؟ فَقَالَ: لا، فدخلت الحمام فساعة فتحت الباب، قَالَ لي قائل: أَبُو مسلم أسلم تسلم. ثم أنشأ يقول:
لك الحمد إما على نعمة ... [وإما على نقمة] [1] تدفع
تشاء فتفعل ما شئته ... وتسمع من حيث لا يسمع [2]
قَالَ: فبادرت فخرجت وأنا جزع، فقلت للحمامي: أليس زعمت أنه ليس في الحمام أحد؟ فَقَالَ لي: هل سمعت شيئا؟ فأخبرته بما كَانَ، فَقَالَ: ذاك جني يتراءى لنا في كل حين/ وينشد الشعر، فقلت: هل عندك من شعره شيء؟ قَالَ [لي] [3] : نعم، فأنشدني:
أيها المذنب المفرط جهلا [4] ... كم تمادى وتركب الذنب جهلا
كم وكم تسخط الجليل بفعل ... سمج وهو يحسن الصنع فعلا
كيف تهدا جفون [5] من ليس يدري ... أرضى عنه من على العرش أم لا
أَخْبَرَنَا الْقَزَّازُ، قَالَ: أخبرنا [أحمد بن علي] [6] الخطيب، قال: أخبرنا ابن رَزْقٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيٍّ الْخُطَبِيُّ، قَالَ: مات أَبُو مسلم إبراهيم بْن عبد الله الكجي يوم الأحد لسبع خلون من المحرم سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وأحدر به إلى البصرة فدفن هناك.