نعم، فشهد في الكتاب ثم خرج، فَقَالَ المعتمد: من هذا؟ فقيل له: الجذوعي البصري، فقال: وما إليه؟ قالوا: ليس إليه شيء، فَقَالَ: مثل هذا لا ينبغي أن يكون مصروفا فقلدوه [واسطا فقلده إسماعيل وانحدر [1]] .
فاحتاج الموفق يوما إلى مشاورة الحاكم فيما يشاور في مثله، فَقَالَ: استدعوا القاضي، فحضر وَكَانَ قصيرا وله دنيه طويلة [2] فدخل في بعض الممرات ومعه غلام له فلقيه غلام [كان] [3] للموفق، وَكَانَ شديد التقدم عنده [وَكَانَ مخمورا] [4] ، فصادفه في مكان خال من الممر فوضع يده على دنيته حتى غاص رأسه فيها فتركه ومضى،. فجلس الجذوعي في مكانه، وأقبل غلامه حتى فتقها [5] وأخرج رأسه منها، وثنى رداءه على رأسه [6] وعاد إلى داره [7] ، وأحضر الشهود، فأمرهم بتسليم الديوان [8] ، ورسل الموفق يترددون، وقد سترت الحال عنه حتى ذكر بعض الشهود لبعض الرسل الخبر فعاد إلى الموفق فأخبره بذلك فأحضر صاحب الشرطة، وأمره بتجريد الغلام، وحمله إلى باب [9] دار القاضي وضربه هنالك ألف سوط، وَكَانَ والد هذا الغلام من جلة القواد ومحله محل من لو هم بالعصيان لأطاعه أكثر الجيش، فلم يقل شيئا وترجل القواد وصاروا إليه، وقالوا: مرنا بأمرك، فَقَالَ: إن الأمير الموفق أشفق عليه مني فمضى القواد بأسرهم مع الغلام إلى باب دار [10] الجذوعي، فدخلوا إليه وضرعوا له، فأدخل صاحب الشرطة والغلام، وَقَالَ [له] : لا تضربه، فَقَالَ: لا أقدم على خلاف الموفق، فقال: