فدخل بيت المقدس، فوجد دما يغلي، فَقَالَ: ما بال هَذَا الدم يغلي؟ فقالوا: هَذَا دم قربان قربناه فلم يقبل منا. فَقَالَ: ما صدقتموني.
فقتل منهم خلقا كثيرا عَلَى ذلك الدم فلم يسكن. فَقَالَ: ويلكم أصدقوني قبل ألّا أترك منكم أحدا، فقالوا: هَذَا دم نبي منا قتلناه، فَقَالَ: لهذا ينتقم منكم ربكم، فأمر وذبح من الخيل والبقر والبغال والغنم حَتَّى سال الدم إِلَى خردوس، فأرسل إليه:
حسبك.
وهذه الوقعة الأخيرة التي قَالَ اللَّه تعالى فيها: فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ 17: 7 [1] .
فكانت الوقعة الأولى بخت نصر وجنوده، ثم رد اللَّه له الكرة عليهم، ثم كانت الوقعة الأخيرة/ خردوس وجنوده، وهي كانت أعظم الوقعتين، فيها كان خراب بلادهم، وقتل رجالهم، وسبي ذراريهم ونسائهم، يقول اللَّه تعالى: وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً 17: 7 [2]
قَالَ مؤلف الكتاب: وقد بعث اللَّه عز وجل بين موسى وعيسى عليهما السلام خلقا كثيرا من الأنبياء، أكثرهم لم يذكر اسمه، وقليل منهم يذكر.
قَالَ ابن مسعود: كان بنو إسرائيل يقتلون في اليوم ثلاثمائة نبي، ثم يقوم سوق نعلهم [3] آخر النهار.
وَرَوَى أَنَسٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «مَا صُدِّقَ نَبِيٌّ مَا صُدِّقْتُ إِنَّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ مَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ مِنْ أُمَّتِهِ إِلا الرَّجُلُ الْوَاحِدُ» . فمن الأنبياء أصحاب الرس، قَالَ علي بْن أبي طالب رضي الله عنه: كان