إِن دارا بْن دارا لما ملك، وَكَانَ فيلبوس أَبُو الإسكندر اليوناني قَدْ ملك بلادا من بلاد اليونانيين فصالح دارا عَلَى خراج يحمل إِلَيْهِ فِي كُل سَنَة ثُمَّ ملك ابنه الإسكندر فلم يحمل الخراج، فغضب دارا وكتب إِلَيْهِ يوبخه، وبعث إِلَيْهِ بصولجان وكرة وقفيز من سمسم، وَقَالَ فيما كتب إِلَيْهِ: أَنْتَ صبي ينبغي أَن تلعب بالصولجان، وإنك إِن استعصيت بعثت إليك من يأتيني بك فِي وثاق، وإن عدة جندي كعدة حب السمسم الَّذِي بعثت بِهِ.
فكتب إِلَيْهِ الإسكندر أَنَّهُ قَدْ فَهُمْ كتابه وتيمن بإرساله الصولجان والكرة لإلقاء الملقي الكرة إِلَى الصولجان، واحترازه إياها، ويشبه الأَرْض بالكرة، وَإِنَّهُ محيز ملك دارا إِلَى ملكه وبلاده إِلَى حيزه من الأَرْض. وَإِنَّهُ تيمن بالسمسم لدسمه وبعده عن المرارة والحرافة.
وبعث إِلَى دارا بصرة من خردل، فَهِيَ تجمع الكرة والحرافة [2] والمرارة.
فلما وصل إِلَيْهِ الكتاب جمع جنده، وتأهب لمحاربة الإسكندر، وتأهب الإسكندر وسار نَحْو بلاد دارا. فالتقيا فاقتتلا أشد القتال، وصارت الدبرة عَلَى [جند] [3] دارا.
فلما رأى ذَلِكَ رجلان من حرس دارا طعناه من خلفه فوقع، ليحظيا عِنْدَ الإسكندر. ونادى الإسكندر: أَن لا يقتل دارا. ثُمَّ سار حَتَّى وقف عَلَيْهِ، فرآه يجود بنفسه، فنزل الإسكندر عَنْ دابته وجلس عِنْدَ رأسه، وأخبره أَنَّهُ مَا هُمْ قط بقتله، وأن الَّذِي أصابه لَمْ يكن عَنْ رأيه، وَقَالَ لَهُ: سلني مَا بدا لَكَ، فَقَالَ دارا: إلي لَكَ حاجتان:
إحداهما أَن تنتقم لي من الرجلين اللذين فتكا بي، والأخرى أَن تتزوج ابنتي روشنك.
فأجابه وصلب الرجلين، وتوسط بلاد دارا، فكان له ملكه.