ثُمَّ أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى أَرْمِيَا: أَنِّي عَامِرُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَأخْرُجْ إِلَيْهَا فَانْزِلْهَا، فَخَرَجَ حَتَّى قَدِمَهَا وَهِيَ خَرَابٌ، فَقَالَ فِي نَفْسِهِ: مَتَى تُعْمَرُ هَذِهِ. فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ، وَقِيلَ هُوَ عُزَيْرُ عَلَيْهِ السَّلامُ.
اختلفوا عَلَى قولين: أحدهما: إنه أرميا. رَوَى عبد الصمد بْن معقل، عَنْ وهب بْن منبه، قَالَ: أقام أرميا بأرض مصر، فأوحى اللَّه تَعَالَى إِلَيْهِ: أَن الحق بأرض إيليا، فَإِن هذه ليست لَكَ بأرض، فقام فركب حماره حَتَّى إِذَا كَانَ ببعض الطريق وَقَدْ أخذ مَعَهُ سلة من عنب وسقاء جديدا أملاه ماء.
فلما بدا لَهُ شخص بَيْت المقدس وَمَا حوله من القرى نظر إِلَى خراب لا يوصف، فَقَالَ: أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها 2: 259 [2] ، ثُمَّ تبوأ منها منزله وربط حماره، فألقى اللَّه عَلَيْهِ السبات ونزع روحه مائة عام.
فلما مرت منها سبعون أرسل اللَّه ملكا إِلَى ملك من ملوك فارس، فَقَالَ: إِن اللَّه يأمرك أَن تنفر بقومك فتعمر بَيْت المقدس وإيليا وأرضها حَتَّى تعود أعمر مَا كانت. فَقَالَ الْمَلِك: انظرني ثلاثة أَيَّام حَتَّى أتأهب لِهَذَا العمل.
فندب ألف قهرمان [3] ، مَعَ كُل قهرمان ثلاثة آلاف عامل، وَمَا يصلحه من أداة العمل، فسارت القهارمة فلما وقعوا فِي العمل رد اللَّه روح الحياة فِي عيني إرمياء، فنظر إِلَيْهَا تعمر.
قَالَ مجاهد: اسمه كورش، وَلَمْ يتم بناؤها إلا بَعْد الملك الرابع بعد كورش على سماعة بن أصيد، وهو من رهط داود.