المتوكل أبي إلى سرمن رأى حتى حدثه، وسمع منه، وقرأ عليه حديثا كثيرا، ثم أمر فنصب لَهُ منبر، وكان يحدث عليه، وحدث في المسجد الجامع بسامراء، وفي رحبة زيرك وأقطعه [1] أقطاعا في كل سنة مبلغه اثنا عشر ألفا، ورسم له صلة خمسة آلاف درهم في السنة، فكان يأخذها، وأقام إلى أن قدم المستعين بغداد، فخاف أبي أن تكبس الأتراك [2] الأنبار، فانحدر إلى بغداد عجلا ولم يحمل معه شيئا من كتبه، وطالبه مُحَمَّد بن عَبْد اللَّهِ بن طاهر أن يحدث فحدث ببغداد من حفظه بخمسين [3] ألف حديث لم يخطئ في شيء منها، وخرج من عنده [4] أصحاب الحديث يوما وهم يقولون: قد حدث بالحديث الفلاني عن سفيان بن عيينة فأخطأ فيه، فبلغه فقال:
ردوهم. فلما رجعوا قَالَ: حدثني سفيان بن عيينة بهذا الحديث كما حدثتكم به، وحدثني به مرة أخرى بكيت وكيت، فذكر الوجه الذي ذكروه، ثم قَالَ: وأنا بما حدثتكم به أثبت من يدي على زندي [5] .
توفي في ذي الحجة [من هذه السنة بالأنبار] [6] .
واسم أبي شعيب [8] : عَبْد اللَّهِ بن مسلم الأموي، مولى [عمر] [9] بن عبد العزيز ويكنى الحسن: أبا مُسْلِم، وهو من أهل حران، سكن بغداد، وحدث بها فروى عنه ابن أبي الدنيا، وابن أبي داود، وابن صاعد، والمحاملي، وكان ثقة مأمونا.
وتوفي بسامراء في هذه السنة.