وعبد الله بْن المبارك خارج في هذه السنة إِلَى الحج، فإذا أسلمتمَا عَلَى يده كَانَ ذلك أعظم عند المسلمين وأرفع لكمَا فِي عزكمَا وجاهكمَا، فإنه شيخ أهل المشرق والمغرب، فانصرفا عنه فمرض الحسين بْن عيسى، فمَات عَلَى نصرانيته قبل قدوم ابْن المبارك، فلمَا قدم [1] أسلم الحسن عَلَى يده [2] .
قَالَ المصنف رحمه الله [3] : انظروا مَا يعمل الجهل بأهله، فإنه لولا جهل حفص بْن عَبْد الرَّحْمَنِ وقلة علمه لمَا أمرهمَا بتأخير الإسلام، لأنه لا يحل تأخيره، لكن الجهل يردي أصحابه.
ولمَا أسلم الحسن سمع من ابْن المبارك ورحل فِي طلب العلم، وقدم بغداد حاجا، فحدث بِهَا، فسمع منه أحمد بْن حنبل، والبخاري، ومسلم، وابن أبي الدنيا، وعد فِي مجلسه بباب الطاق اثنتا عشرة ألف محبرة [4] .
وَكَانَ ثقة دينا ورعا، ولم يزل بنيسابور فِي عقبه فقهاء ومحدثون [5] .
وتوفي فِي منصرفه من مكة بالثعلبية في هذه السنة، وَكَانَ قبره ظاهرا بِهَا وعليه مكتوب وَمن يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى الله 4: 100 [6] هذا قبر الحسن [7] بْن عيسى، وَكَانَ أنفق فِي تلك الحجة ثلاثمَائة ألف دِرْهَمٍ [8] .
أَخْبَرَنَا [أَبُو مَنْصُورٍ] الْقَزَّازُ قَالَ: أَخْبَرَنَا [أحمد بن علي] [9] بن ثابت قال: أخبرني