أبا إسحاق، أدن مني، واتعظ بمَا ترى، وخذ [1] بسيرة أخيك فِي القرآن، واعمل فِي الخلافة إذا طوقكها [2] الله عمل المريد للَّه الخائف من عقابه ولا تغتر باللَّه وبمهلته فكان قد نزل بك الموت ولا تغفل عن أمر الرعية.

فلمَا اشتد الأمر به دعا أبا إسحاق فَقَالَ: يَا أبا إسحاق، عليك عهد الله وميثاقه، وذمة رسوله صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، لتعملن بحق [3] الله فِي عباده، ولتؤثرن طاعة الله عَلَى معصيته. قَالَ:

نعم، قَالَ: فأقر عَبْد الله بْن طاهر عَلَى عمله، وإسحاق بْن إبراهيم، فأشركه فِي ذلك، فإنه أهل [لَهُ] [4] . وأهل بيتك، فالطف بهم، وبنو عمك من ولد علي بْن أبي طالب، فأحسن صحبتهم، ولا تغفل عن صلتهم [5] .

وتوفي فِي يوم الخميس وقت الظهر، عَلَى نهر البدندون لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب [بعد العصر] [6] من هَذِهِ السنة.

فلمَا توفي صلى عَلَيْهِ أبو إسحاق المعتصم، وحمله ابنه العباس وأخوه محمد بن 18/ أالرشيد إِلَى طرسوس، فدفناه/ فِي دار كانت لخاقان خادم الرشيد، وَكَانَ عمره سبعا وأربعين سنة، وقيل: ثمان وأربعين سنة، وكانت خلافته عشرين سنة، وخمسة أشهر وثلاثة وعشرين يوما، وكان له عثمان عشر ذكرا، وتسع بنات [7] .

واستأذنت المعتصم حظية كانت للمَامون اسمها تزيف أن تزور قبره، فأذن لها فضربت فسطاطا وجعلت تبكي وتنوح بشعر لها وَهُوَ:

يَا ملكا لست بناسيه ... نعى إلي العيش ناعيه

والله مَا كنت أرى أنني ... أقوم فِي الباكين أبكيه

والله لو يقبل فيه الفداء ... لكنت بالمهجة أفديه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015