المناظر للرخجي والمحاسب لَهُ، فقام بذلك أحسن قيام، فحسنت حاله معي، وعادت نعمته.
أنبأنا أبو بكر بْن عبد الباقي، عن أبي القاسم التنوخي، عن أبيه، عن أشياخ لَهُ: أن عمرو بن مسعدة كَانَ مصعدا من واسط إِلَى بغداد فِي حر شديد، وَهُوَ [1] فِي زلال، فناداه رجل: يَا صاحب الزلال بنعمة الله عليك ألا نظرت إلي فكشفت [2] سجف الزلال فإذا شيخ ضعيف حاسر، فَقَالَ [3] : قد ترى مَا أنا فيه، ولست أجد من 5/ ب يحملني، / فابتغ [4] الأجر فِي، وتقدم إِلَى ملاحيك يطرحوني بين مجاذيفهم إِلَى أن أبلغ بلدا يطرحوني فيه.
فَقَالَ عمرو بْن مسعدة: خذوه، فأخذوه، وقد كاد يموت من الشمس والمشي [5] ، فَقَالَ لَهُ: يَا شيخ، مَا قضيتك، [6] ومَا قصتك؟
قَالَ: قصة [7] طويلة. وبكى، قَالَ: فسكنته ثم قلت: حدثني.
فَقَالَ [8] : أنا رجل كانت للَّه [عز وجل] [9] علي نعمة، وكنت صيرفيا، فابتعت جارية بخمسمَائة دينار، فشغفت بِهَا، وكنت [10] لا أقدر أفارقها ساعة [11] ، فإذا خرجت إِلَى الدكان أخذني الهيمَان حَتَّى أعود إليها [12] ، فدام ذلك علي حَتَّى تعطل كسبي، وأنفقت من رأس المَال، حَتَّى لم يبق منه قليل ولا كثير، وحملت الجارية، فأقبلت أنقض داري وأبيع [13] الأنقاض، حَتَّى فرغت من ذلك، ولم يبق لي حيلة، فأخذها الطلق، فقالت: يَا هَذَا، أموت فاحتل لي [14] بمَا تبتاع به عسلا ودقيقا وسرجا [15] وإلا مت. فبكيت وجزعت [16] ، وخرجت عَلَى وجهي، وجئت لأغرق نفسي فِي دجله، فخفت العقاب، فخرجت عَلَى وجهي إِلَى النهروان، ومَا زلت أمشي من قرية إِلَى