وقد ذكرنا أن المأمون كان إذا ذكر أخاه الأمين وما فعل به طاهر جرت دموعه، وإن طاهرا [أعلم بذلك و] [1] طلب البعد عن الخليفة واحتال لذلك فولاه خراسان، فخرج، فلما كان بعد مدة من مقدمه خراسان قطع الدعاء للمأمون على المنبر يوم الجمعة، فقال له عون بْن مجاشع صاحب البريد: ما دعوت [2] في هذه الجمعة لأمير المؤمنين فقال [لَهُ] [3] : سهو وقع، فلا تكتب به [4] ، ثم فعل ذلك في الجمعة الثانية والثالثة. فَقَالَ له عون: إن كتب التجارة لا تنقطع/ عن بغداد، وإن اتصل هذا بأمير المؤمنين من غيرنا لم نأمن أن يكون ذلك سبب زوال نعمتي فَقَالَ: اكتب بما أحببت. فكتب بالخبر إلى المأمون. فلما وصل كتابه دعا أحمد بن أبي خَالِد وقال له: إنه لم يذهب علي احتيالك في أمر [5] طاهر وتمويهك له، وأنا أعطي الله عهدا إن لم يشخص حتى توافيني به [6] كما أخرجته من قبضتي، وتصلح ما أفسدته علي من أمر ملكي ليدمين [7] عقباك، فشخص أحمد وجعل يتلوم في الطريق ويقول لأصحاب البريد: اكتبوا بأخبار عله أحدها، فلما وصل إلى الري لقيته الأخبار بوفاة طاهر، ولقيه ولده طلحة فقال لَهُ: لا تريني وجهك، فإن أباك عرضني للغضب. قَالَ: قد مضى لسبيله، وأنا أحلف لك على الإخلاص. فكتب أحمد بالخبر، فلما بلغت وفاته المأمون قَالَ: لليدين وانعم [8] : الحمد للَّه الذي قدمه وأخرنا.

وكان قد أخذته حمى وحرارة، فوجدوه في فراشه ميتا. وتوفي في جمادى الآخرة من هذه السنة بمرو.

أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بْنِ عَلِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ [9] بْنُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015