واحلولي [1] لهم ثوابك، وكرمت مقدرتك، وحسنت أثرتك، فجبرت الفقير وفككت الأسير، فأنت كما قال الشاعر:
ما زلت في البذل للنوال ... وإطلاق لعان بحرمه علق
حتى تمنى البراء أنهم ... عندك أمسوا في القيد والحلق
فقال [له] [2] المأمون: مثلك يعيب من لا يصطنعه، ويعز من يجهل قدره، فاعذرني في سالفك، فإنك ستجدنا في مستأنفك [3] .
أخبرنا ابن ناصر قَالَ: أخبرنا ثابت بن بندار قَالَ: أخبرنا عبد الوهاب بن علي الملحمي قَالَ: حدثنا المعافى بْن زكريا قَالَ: حَدَّثَنَا الحسين بْن القاسم الكركي قَالَ:
حدثني أبو جعفر محمد بن القاسم بن مهرويه قَالَ: حدثني حسن بن الربيع، عن أبيه، ربيع بن حباب مولى الرشيد قَالَ: لما دخل المأمون بغداد دخلت عليه زبيدة أم جعفر فقالت: الحمد للَّه الّذي لقبك بخلافة قد هنئت بها عنك قبل أن أراك [4] ولئن كنت فقدت ابنا خليفة لقد اعتضت ابنا خليفة [5] وما خسر من/ اعتاض مثلك، وما ثكلت [6] أم ملأت يدها منك، وأنا أسأل الله أجرا على ما أخذ وإمتاعا بما وهب. فقال المأمون:
ما تلد النساء مثل هذه، ماذا أبقت في هذا الكلام لبلغاء الرجال.
وروى الصولي: أنه لما قدم المأمون بغداد من خراسان كتبت إليه أم جعفر بشعر عمله بعض [7] شعرائها وهو:
لخير إمام قام من خير عنصر ... وأفضل راق كان أعواد منبر
ووارث علم الأولين وملكهم ... وللملك المأمون من أم جعفر