الحجة، وإن شر الملوك عقلا وأسخفهم رأيا من رضي بقولهم: صدق الأمير.
قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال:
أخبرنا القاضي أبو العلا الواسطي قَالَ: حدثنا علي بن عمر الحافظ قال: حدّثنا الكوكبي قال: حدّثنا أبو عكرمة الضَّبُّي قَالَ: حدثني ابن الأعرابي قَالَ: بعث إلي المأمون فصرت إليه وهو في بستان يحيى بن أكثم، فرأيتهما موليين، فجلست، فلما أقبلا قمت فسلمت عليه بالخلافة، فسمعته يقول ليحيى: يا أبا مُحَمَّد، ما أحسن أدبه، رآنا موليين فجلس، ثم رآنا مقبلين فقام ثم رد السَّلَام وقَالَ: يا مُحَمَّد، أخبرني عن أحسن ما قيل في الشراب فقلت: يا أمير المؤمنين، قوله:
تريك القذى من دونها وهي دونه ... إذا ذاقها من ذاقها يتمنطق
فقال: أشعر منه الذي يقول: - يعني أبا نواس-
/ فتمشت في مفاصلهم ... كتمشي البرء في السقم
فعلت في البيت إذ مزجت ... مثل فعل الصبح في الظلم
واهتدى ساري الظلام بها ... كاهتداء السفر بالعلم
فقلت: فائدة يا أمير المؤمنين. فَقَالَ: أخبرني عن قول هند بنت عُتْبَة:
نحن بنات طارق ... نمشي على النمارق
من طارق هذا؟ قَالَ: فنظرت في نسبها فلم أجده. فقلت: يا أمير المؤمنين، ما أعرف في نسبها! فقال: إنما أرادت النجم، فانتسبت إليه لحسنها، من قول الله عز وجل: وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ 86: 1 [1] . فقلت: فائدتان يا أمير المؤمنين قال: أنا بؤبؤ هذا الأمر [2] [وأنت بؤبؤه] [3] . ثم دفع [4] إليّ بعنبرة وكان يقلبها في يده، فبعتها بخمسة آلاف درهم [5] .