تفتشره افتشار العبيد، وإن شتمك فاحتمله، ثم دفعت إليه قيدا من فضة فقالت: إن صار في يدك فقيده به.
فشخص ومعه الأمين إلى النهروان يوم الأحد لست بقين من جمادى الآخرة، فعرض الجند، وعاد إلى مدينة السلام، وأقام علي بن عيسى بالنهروان ثلاثة أيام، ثم شخص إلى ما وجه لَهُ مسرعا، حتى نزل همدان، فولى عليها عبد الله بن حميد بن قحطبة، وكان الأمين قد كتب إلى عصمة بن حماد يأمره بالانصراف في خاصة أصحابه، وضم بقية العسكر وما فيه من الأموال إلى علي بن عيسى، وكتب إلى أبي دلف القاسم بن علي بالانضمام إليه فيمن معه من أصحابه، وشخص علي بن عيسى من همدان يريد الري، فكان يسأل عن خراسان فيقال له إن طاهرا مقيم بالري، فيضحك فيقول/ وما طاهر!؟ هل هو إلا شوكة بين أعضائي. فلقيه طاهر في نحو أربعة آلاف، فلما رأى طاهر جمع علي بن عيسى قَالَ: هذا ما لا طاقة لنا به، ولكن نجعلها خارجية نقصد القلب. فحملوا فجرى القتال، فقتل علي بن عيسى وألقي في بئر، وهزم عسكره وأخذ منهم سبعمائة ألف درهم.
وكتب طاهر إلى ذي الرئاستين: أطال الله بقاءك، وكبت أعداءك، وجعل من يشنؤك فداءك، كتبت إليك ورأس علي بن عيسى بين يدي، وخاتمه في أصبعي، والحمد للَّه رب العالمين.
فدخل على المأمون فبشره، فأيد طاهرا بالرجال، وسماه ذا اليمينين، وأمر بإحضار أهل بيته، والقواد، ووجوه الناس، فدخلوا فسلموا عليه بالخلافة، وأعلن يومئذ بخلع الأمين.
ثم ورد برأس علي بن عيسى يوم الثلاثاء، فطيف به خراسان، وبلغ الخبر إلى الأمين، فندم على نكثه وغدره، ومشى القواد بعضهم إلى بعض، وذلك يوم الخميس للنصف من شوال، فقالوا: أن عليا قد قتل، ولا شك أن محمدا يحتاج إلى الرجال، فاطلبوا الجوائز والأرزاق، فلعلنا نصيب في هذه الحالة ما يصلحنا، فأصبحوا يكبرون ويطلبون الأرزاق.
وبلغ الخبر عبد الله بن خازم، فركب إليهم في أصحابه، فتراموا بالنشاب