بها في كل سنة، فبلغ ابن علية أن ابن المبارك قد قدم، فركب إليه، فلم يرفع به عبد الله رأسا، ولم يكلمه، فانصرف، فلما كان من الغد كتب إليه رقعة فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم. أسعدك الله بطاعته، وتولاك بحفظه، وحاطك بحياطته، قد كنت منتظرا لبرك وصلتك أتبرك بها، وجئتك أمس فلم تكلمني، ورأيتك واجدا علي، فأي شيء رأيت مني حتى أعتذر إليك منه؟

فلما وردت الرقعة على عبد الله دعا بالدواة والقرطاس وقَالَ: يأبى هذا الرجل إلا أن نشق [1] له العصا، ثم كتب إِلَيْهِ:

يا جاعل الدين له بازيا ... يصطاد أموال المساكين

احتلت للدنيا ولذاتها ... بحيلة تذهب بالدين

/ فصرت مجنونا بها بعد ما ... كنت دواء للمجانين

أين رواياتك في سردها ... عن ابن عون وابن سيرين

أين رواياتك والقول في ... إتيان أبواب السلاطين

إن قلت أكرهت فذا باطل ... زل حمار العلم في الطين

فلما وقف ابن علية على الأبيات قام من مجلس القضاء، فوطئ بساط هارون، وقَالَ: يا أمير المؤمنين، الله الله ارحم شيبتي، فإني لا أصبر للخطأ. فقال له هارون:

لعل هذا المجنون قد أغرى بقلبك. فقال لَهُ: الله الله أنقذك الله. فأعفاه من القضاء، فلما اتصل بعبد الله بن المبارك ذلك وجه إليه بالصرة [2] .

توفي ابن علية في ذي القعدة من هذه السنة، ودفن في مقابر عبد الله بن مالك.

1059- محمد بن جعفر، أبو عبد الله الْبَصْرِيّ، يلقب: غندر [3] . وهو مولى لهذيل

[4] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015