سلام مولاه، وخليفته على البريد ليعلمه بوفاة الرشيد، فدخل على الأمين فعزّاه وهنأه بالخلافة.

وكان الأمين نازلا/ ببغداد في الخلد، فتحول إلى قصر [1] المنصور بالمدينة، وأمر الناس بالحضور، فحضروا، فصعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ونعى الرشيد إلى الناس، وعزى نفسه والناس، ووعدهم الخير وبسط الأمان للأسود والأبيض.

فبايعه جلة [2] أهل بيته وخاصة مواليه وقواده، ثم دخل ووكل ببيعته من بقي منهم سُلَيْمَان بن المنصور، وأمر للجند بمدينة السلام برزق سنتين، واتخذ الفضل بن الربيع وزيرا، وابنه العباس بن الفضل حاجبا، وجعل إسماعيل بن صبيح كاتبا، وجعله على ديوان الرسائل والتوقيعات والخاتم. وجعل عيسى بن علي بن ماهان على الشرطة، وقيل: عبد الله بن حازم.

أخبرنا ابن ناصر، أَنْبَأَنَا أحمد بن خلف، حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم، حدثنا أحمد بن كامل قَالَ: حدثني عبد الله بن إبراهيم النَّحْوِي، حدثنا أبو هفان، حَدَّثَنَا أحمد بن يوسف قال: دخل أبو نواس على محمد الأمين فهنأه بالخلافة وعزاه بالرشيد في بيت، فأنشأ يَقُولُ:

جرت جوار بالسعد والنحس ... فنحن في وحشة وفي أنس

العين تبكي والسن ضاحكة ... فنحن في مأتم وفي عرس

/ يضحكها القائم الأمين ويبكيها ... وفاة الرشيد بالأمس

بدران: بدر أضحى ببغداد في ... الخلد وبدر بطوس في الرمس

ثم قدم القادم بالبردة والقضيب والخاتم، فوصل لثلاث عشرة بقيت من جمادى الآخرة، وقدم عليه حسين الخادم بالخزائن التي كانت مع الرشيد، وقدمت زبيدة من الرافقة في آخر رجب بخزائن الرشيد، فتلقاها محمد بالأنبار [3] ، وكان الأمين قد بعث من يأتيه بأخبار الرشيد في زمن علته كل يوم، وأرسل بدر بن المعتمر فكتب معه كتبا، وجعلها في قوائم صناديق منقورة، وألبسها جلود لبقر، وقَالَ: لا يظهرن أمير المؤمنين ولا أحد ممن في عسكره على شيء من أمرك، وما توجهت فيه، ولا على ما معك، ولو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015