فِي عصره كجرير فِي عصره، ونديمه عم أبيه الْعَبَّاس بْن مُحَمَّد صاحب العباسية، وحاجبه الفضل بْن الربيع أتيه الناس وأشدهم تعاظما، ومغنيه إِبْرَاهِيم الموصلي أوحد عصره، وضاربه زلزل [، وزامره برصوما] [1] ، وزوجته أم جَعْفَر أرغب الناس فِي خير، وأسرعهم إِلَى كل بر ومعروف، وهي التي أدخلت الماء الحرم بعد امتناعه من ذلك، إِلَى أشياء من المعروف [2] ، ومن كبار قواده المعلي ولي البصرة وفارس والأهواز واليمامة والبحرين وغير ذلك، وإليه ينسب نهر معلى.
كَانَ الرشيد يحب العلم ويؤثره ويستفيده، فنال علما كثيرا، وكانت لَهُ فطنة قوية.
أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر بن ثابت قال: أَخْبَرَنَا أَبُو عَلي مُحَمَّد بْن الحسين الجازري قَالَ: حَدَّثَنَا المعافى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْن دريد قال: حدثنا أبو 144/ ب حاتم عَنِ/ الأصمعي قَالَ: دخلت عَلَى هارون الرشيد ومجلسه حافل، فَقَالَ: يا أصمعي مَا أغفلك عنا، وأجفاك لحضرتنا؟ فقلت: والله يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا ألاقتني بلاد بعدك حَتَّى أتيتك. فأمرني بالجلوس فجلست، فلما تفرق الناس- إلا أقلهم- نهضت للقيام، فأشار إلي أن أجلس، فجلست حَتَّى خلى المجلس [4] ، فلم يبق غيري وغيره ومن بين يديه [من] الغلمان، فَقَالَ لي: يا أبا سعيد: ما ألاقتني؟ قلت: [ما] [5] أمسكتني، [وأنشدته] :
كفاك كف لا تليق درهما جودا ... وأخرى تعط بالسيف الدما
فَقَالَ لي: أحسنت، وهكذا فكن وقرنا فِي الملأ، وعلمنا فِي الخلاء، فأمر لي بخمسة آلاف [6] درهم. وفي رواية دينار.