العفو والسيوف قَدِ اعتورتك [1] ؟! ثُمَّ قَالَ: اذبحوه، فذبحوه، وجاء عيسى بْن موسى فَقَالَ: أين أَبُو مسلم؟ فَقَالَ: مدرج فِي الكساء. فَقَالَ: إنا للَّه، وجعل يلطم ويقول:

أحنثتني فِي أيماني، وأهلكتني. فَقَالَ لَهُ: علي لكل شيء تخرجه ضعفاه، ويحك اسكت، فما تم سلطانك ولا أمرك إلّا اليوم. ثُمَّ رمى به فِي دجلة. وذلك لخمس بقين من شعبان سنة سبع وثلاثين ومائة [2] .

وَقَالَ المنصور:

زعمت أن الَّذِي لا يقتضي ... فاستوف بالكيل أبا مجرم

سقيت كأسا كنت تسقي بها ... أمر فِي الحلق من العلقم

وَكَانَ أَبُو مسلم قَدْ قتل في دولته ستمائة ألف صبرا.

أَخْبَرَنَا أَبُو منصور القزاز قَالَ: أخبرنا أبو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: أخبرنا أبو الطيب الطبري قال: حَدَّثَنَا المعافى قَالَ: حَدَّثَنَا الصولي قَالَ: حَدَّثَنَا الغلابي قال:

حدّثنا يعقوب، عَنْ أبيه قَالَ [3] : خطب المنصور بالناس بعد قتل أبي مسلم فَقَالَ: أيها الناس، لا تنفروا أطراف النعم بقلة الشكر فتحل بكم النقم، ولا تسروا غش الأئمة، فإن أحدا لا يسر منكرا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه، [وطوالع نظره] [4] وإنا لن نجهل حقوقكم مَا عرفتم حقنا، ولا ننسى الإحسان إليكم مَا ذكرتم فضلنا، ومن نازعنا هذا القميص [5] أوطأنا أمّ رأسه خبئ هَذَا الغمد، وإن أبا مسلم بايع لنا على أنه من نكث بيعتنا، أو أضمر غشا لنا فقد أبحنا دمه [6] ، ومكث وغدر وفجر، فحكمنا عليه لأنفسنا حكمه على غيره لنا.

قَالَ علماء السير: ثُمَّ إن أبا جعفر هم بقتل أبي إسحاق صاحب حرس أبي مسلم، وبقتل نصر بن مالك- وَكَانَ على شرط أبي مسلم [7]- فكلمه أبو الجهم وقال: يا أمير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015